المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

الفرقة الناجية

صفحة 20 - الجزء 1

  ما أنزل الله يا أيها الذين آمنوا إلا وعلي أميرها وشريفها، وكل ذلك ثابت بأسانيده بحمد الله تعالى.

  وإلى خبر الغدير الذي خطب به الرسول ÷ في حجة الوداع بمشهد الجمع الكثير، والجم الغفير، وفي ذلك اليوم الذي أنزل الله تعالى فيه على الأصح⁣(⁣١): {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً}⁣[المائدة: ٣].

  قال إمام اليمن يحيى بن الحسين # في الأحكام: وفيه أنزل الله على رسوله: {يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}⁣[المائدة: ٦٧]، إلى أن قال: فنزل تحت الدوحة مكانه وجمع الناس ثم قال: «يا أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. فقال: اللهم اشهد، ثم قال: اللهم اشهد، ثم قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، واخذل من خذله، وانصر من نصره». انتهى⁣(⁣٢).

  وقد خطب الحجيج ~ وآله بخطبة كبرى روى كل منها ما حفظ.

  قال الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة #: هذا الخبر قد بلغ حد التواتر، وليس لخبر من الأخبار ماله من كثرة الطرق، وطرقه مائة وخمس طرق.

  وقال السيد جمال الدين الهادي بن إبراهيم الوزير: من أنكر خبر الغدير فقد أنكر ما علم من الدين ضرورة؛ لأن العلم به كالعلم بمكة وشبهها، فالمنكر سوفسطائي. وقال السيد الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير: إن حديث الغدير يروى بمائة طريق وثلاث وخمسين طريقا. انتهى.


(١) إشارة إلى ما رواه البخاري وغيره أن الآية نزلت يوم عرفة، وهو محمول إن صح على تكرار النزول، كما قالوا بذلك في كثير من الآي، وقلنا إن صح بنا على ما هو الحق عند أرباب التحقيق والإنصاف من أن في الصحيحين الصحيح وغير الصحيح كغيرهما كما قرر ذلك الدار قطني فيما انتقده، وابن حجر في هدي الساري، خلافا لما عليه الكثير من المقلدين والمتعصبين، ولسنا بصدد مجادلتهم.

(٢) الأحكام: ١/ ٣٧ - ٣٨.