المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[سبب إسلام حمزة]

صفحة 182 - الجزء 1

  سريعا لا يقف على أحد كما كان يصنع، فلما دخل المسجد نظر إلى أبي جهل جالسا في القوم، فأقبل نحوه حتى إذا وقف على رأسه رفع القوس فضربه بها ضربة فشجه شجة منكرة، وقام⁣(⁣١) رجال بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل فقال أبو جهل: دعوا أبا عمارة فإني والله لقد سببت ابن أخيه⁣(⁣٢)، فأدار القوس⁣(⁣٣) على رءوسهم استخفافا بهم، ثم أتى إلى النبي ÷ فقرع بابه، فناداه النبي: من هذا؟

  قال: أنا عمك حمزة.

  فقال ÷: «يا عم ما تريد ممن لا عم له، ما تريد ممن لا أم له، ما تريد ممن لا أب له، ما تريد ممن لا ناصر له من قومه».

  فدمعت عينا حمزة وقال: افتح يا بن أخي فما أتيتك حتى انتصرت لك ممن ظلمك.

  فخرج إليه النبي ÷ وقال: «يا عم إنه لن يقبل منك ذلك إلا أن تقول: لا إله الا الله محمد رسول الله».

  قال: فاتل عليّ شيئا مما أوحي إليك.

  فتلا النبي ÷ عليه آيات من سورة (الملك).

  قال حمزة: يا ابن أخي هذا كلام لا يشبه كلام المخلوقين، ثم قال زدني.

  فتلا عليه: {حم ١ تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ٢ غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ}⁣[غافر: ١ - ٣].

  فقال حمزة: حسبك يا ابن أخي، فأنا أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأنك محمدا عبده ورسوله، وتم # على إسلامه.


(١) نهاية الصفحة [٦٦ - أ].

(٢) في سيرة ابن هشام: (لقد سببت ابن أخيه سبا قبيحا)، وإلى هنا أكمل ابن هشام قصة إسلام حمزة (١/ ٣١١ - ٣١٢)، ابن إسحاق (١٥٠ - ١٥٣)، وانظر ذخائر العقبى ص (١٧٣ - ١٧٤).

(٣) في (ج) قوسه.