المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[أولاد أبي طالب]

صفحة 201 - الجزء 1

  خرج فينا كذاب يزعم أنه رسول الله⁣(⁣١)، فتابعه من بلدنا سفهاء «لا خير فيهم»⁣(⁣٢) وقد نهيناهم، فبغوا علينا وهربوا وصاروا إليك ليفسدوا ملكك ورعيتك.

  وتكلمت البطارقة، وقالوا: أيها الملك الرأي أن تردهم إلى قومهم فهم أعلى بهم عينا.

  فغضب النجاشي، وقال: لاها، أيم الله ما هم أولى بهم منا.

  وفي نسخة أخرى: لاها الله أبدا، لا أسلم قوما يختاروني على من سواي، ولكني باعث إليهم وأسائلهم.

  ثم دعاهم، فلما جاءهم رسوله قالوا: ما ذا نقول إذا ساءلنا؟

  فقال جعفر #: نقول والله ما علمنا من الحق، وما أمر به نبينا من الصدق كائنا ذلك ما كان.

  فلما جاءوه لم يسجدوا له. فقال عمرو: أيها الملك إنهم قد استكبروا أن يسجدوا لك.

  فقال النجاشي: ما منعكم من ذلك وأن تحيوني تحية من قصد⁣(⁣٣)؟

  فقال جعفر #: أيها الملك إنا لا نسجد إلّا للذي خلقنا وخلقك.

  قال النجاشي: ما هذا الدين الذي فارقتم به قومكم ولم تتبعونا، فإن قومكم يستردونكم؟

  فقال جعفر: سل هذين اللذين قدما، أعبيد نحن أم أحرار، فإن كنا عبيدا فردونا إلى موالينا.

  فقال: يا عمرو أعبيد هم؟

  قال: بل أكفاء أحرار.

  وقال جعفر: فسلهما هل سفكنا دما بغير حق نسلم إلى أوليائه؟

  فقال عمرو: لا، ولا قطرة.

  فقال جعفر: فهل أخذنا مالا بغير حق.

  فقال النجاشي: لو كان عليكم دينا لأدّيته عنكم.


(١) نهاية الصفحة [٨٠ - أ].

(٢) ساقط في (أ).

(٣) في (ب، ج): تحية من قصدني.