المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[وصول رسول الله المدينة]

صفحة 230 - الجزء 1

  رحله فوضعه في بيته، ونزل عنده رسول الله وسأل عن المربد، فقال معاذ بن عفراء:⁣(⁣١) يا رسول الله هو لسهل وسهيل ابني عمرو⁣(⁣٢) يتيمين وسأرضيهما منه، فاتخذه مسجدا.

  قال ابن إسحاق⁣(⁣٣): إن رسول الله كان يعمل بنفسه ليرغب المسلمين في العمل، وكان عثمان بن عفان من أبطأ أصحابه فيه عملا⁣(⁣٤)، فقال علي #:

  لا يستوي من يعمر المساجدا ... يدأب فيها قائما وقاعدا

  ومن يرى من الغبار حائدا⁣(⁣٥)

  فأخذها عمار بن ياسر يرتجز بها.

  فقال عثمان: قد سمعت ما تقول منذ اليوم يا بن سمية، والله إني لأرى عرض هذه العصا لأنفك، فغضب رسول الله وقال: «ما لهم ولعمّار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار، إن عمارا جلدة ما بين عيني وأنفي»⁣(⁣٦).


(١) هو معاذ بن عفراء، وعفراء أمه، وأبوه هو الحارث بن رفاعة من بني مالك بن النجار له صحبة، توفي أيام على بن أبي طالب #، روى شعبة عن سعد بن إبراهيم عن ابن ابنة نصر بن عبد الرحمن عنه. انظر: الجرح (٨/ ٢٤٥ ت ١١١٢)، تهذيب التهذيب.

(٢) هما سهل وسهيل ابني عمرو الأنصاري النجاري صاحب المربد الذي بنى رسول الله ÷ مسجده، انظر: أسد الغابة لابن الأثير بتصحيح الشيخ عادل الرفاع ط (١) ١٤١٧ هـ دار إحياء التراث العربي (٢/ ٥٥١، ٥٥٦) ترجمة (٢٣٠٥، ٢٣٢٥).

(٣) في (أ، ب، ج): قال أبو العباس عن عثمان بن محمد الحرشي.

(٤) ما قاله ابن إسحاق أشار إليه السهيلي أبو القاسم عبد الرحمن السهيلي المتوفى سنة (٥٨١ هـ) في كتابه «الروض الأنف»، وقال: «وقد سمى ابن إسحاق الرجل وكره ابن همام أن يسميه كيلا يذكر أحد من أصحاب رسول الله ÷ بمكروه، فلا ينبغي أبدا البحث عن اسمه»، وقال أبو ذر: «وقد سمى ابن إسحاق الرجل فقال: إن هذا الرجل هو عثمان بن عفان ¥»، السيرة النبوية لابن هشام (٢/ ١٤٢).

(٥) في سيرة ابن هشام:

لا يستوي من يعمر المساجدا ... يدأب فيه قائما وقاعدا

ومن يرى عن الغبار حائدا

والأبيات التي أشار إليها المؤلف هي الأبيات التي أشار إليها مؤلف السيرة الحلبية مع اختلاف في الشطر الأخير؛ إذ أورده هكذا: يرى عن الغبار حائدا، السيرة الحلبية (٢/ ٧١)، السيرة النبوية لابن هشام (٢/ ١٤٢).

(٦) وفي رواية: «ما لهم ولعمار! يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار، إن عمارا جلدة ما بين عيني وأنفي»، انظر سيرة ابن هشام (٢/ ١٤٣). والحديث أخرجه. الذهبي في سير أعلام النبلاء (١/ ٤١٥) بلفظ مقارب، وفي عمار وردت أحاديث كثيرة، راجع مصادر ترجمته.