المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[وفاة النبي ÷]

صفحة 250 - الجزء 1

  ودنت عائشة وقالت: يا رسول الله، بأبي وأمي أنت، انظر إليّ نظرة وكلمني كلمة واحدة، وأوصني بأمرك فإني أرى آخر العهد منك ومن كلامك.

  ففتح عينيه، فلما نظر إليها قال: «ادني مني، فدنت منه، فقال: قد أوصيتك قبل اليوم فاحفظي وصيتي، واحفظي أمري لك في لزوم بيتك ولا تبدلي، يا عائشة تأخري عني».

  قال: ثم دنت منه حفصة فقالت: بأبي أنت وأمي، اجعل لي نصيبا من كلامك، ولا تجعلني من أهون نسائك عليك، وأكرمني بكلمة تطيب بها نفسي طول حياتي.

  ففتح رسول الله عينيه ونظر إليها وقال: «يا حفصة⁣(⁣١)، قالت: لبيك يا رسول، فقال لها: قد أوصيتك قبل اليوم، فاحفظي وصيتي، ولا تبدلي أمري، واحفظي أمري لك في لزوم بيتك، قومي عني».

  وكلم نساءه امرأة امرأة مثلما كلمها، ثم إن فاطمة عليها⁣(⁣٢) السلام جاءت بالحسن والحسين @ وقالت لهما: ادنوا من جدكما فسلما عليه.

  فدنوا منه وقالا: يا جداه، ثلاثا، ثم بكيا وقال له الحسن #: ألا تكلمنا كلمة وتنظر إلينا نظرة، فبكى علي # والفضل وجميع من في البيت من النساء، وارتفعت أصواتهم بالبكاء ففتح رسول الله عينيه وقال: «ما هذا الصوت»؟

  فقالت فاطمة: يا رسول الله، هذان ابناك الحسن والحسين، كلماك فلم تجبهما فبكيا وبكى من في البيت لبكائهما.

  فقال رسول الله: «ادنوا مني»، فدنا منه الحسن # فضمه إليه وقبله ودنا الحسين منه، ففعل به مثل ذلك، فبكيا ورفعا أصواتهما بالبكاء، فزجرهما علي # وقال: لا ترفعا أصواتكما.


(١) في (أ): يا حفصة، وصيتي أن لا تبدلي، فقد أوصيتك قبل اليوم، فاحفظي أمر ربك بلزوم بيتك، قومي عني قالت: لبيك.

(٢) نهاية الصفحة [١١٠ - أ].