[وفاة النبي ÷]
  وقال له: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي، بلغ عني تأويل القرآن، وأنت وصيي، وخليفتي في أهلي وأمتي(١)، من والاك فقد والاني، ومن عصاك فقد عصاني»، فلما فرغ من وصيته إياه أغمي عليه، ثم أفاق وهو يقول: «بالكأس الأوفى وفي الرفيق الأعلى» يقولها ثلاثا، ثم رجع الناس اجتمعوا على باب حجرة رسول الله وفيهم عمر بن الخطاب في يده درة يضرب بها الناس، ويقول: إن رسول الله لا يموت، ورجل آخر من بني فهر(٢) يقول: {وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ}[آل عمران: ١٤٤].
  قال: والناس يبكون وأرادوا الدخول على رسول الله فأبى علي أن يأذن لهم.
  وجعل رسول الله يقول أحيانا: «أين أنت يا جبريل؟ ادن مني».
  وجبريل يجيبه، وهو يقول: يا محمد، أبشر فإنك قادم على ربك.
  ودنت منه فاطمة & وهو مغمض العين(٣) فنادته: يا أبتاه تفديك نفسي، انظر إلي نظرة عسى كرب الموت تغشاني، ولا أراني إلّا مفارقة الدنيا بعدك عن قريب أو معك.
  فسمع رسول الله صوتها ففتح عينيه، ثم رفع يده فمسح خدها من الدموع، ثم غمض عينيه ساعة فقالت فاطمة: يا أبتاه نفسي لنفسك الفداء، قد ذاب قلبي ورقت كبدي، ولوددت أن نفسي خرجت قبل نفسك، ها أنا ذا بين يديك لا أراك تكلمني، اللهم صبرني، فسمع رسول الله قولها، ففاضت عيناه، ثم قال: «ادني مني»، فدنت منه وانكبت عليه قد وضعت خدها على خده، فقال لها علي #: تنحي عن رسول الله لا تؤذيه، فتنحت وجلست ناحية تسترجع وتدعوه.
(١) في (أ): وأنت وصيي من أهلي، وخليفتي في أمتي.
(٢) في (أ): ورجل آخر من بني فهر في المسجد يقول.
(٣) نهاية الصفحة [١٠٩ - أ].