المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[حوار ومساءلة بين عمر وابن عباس]

صفحة 281 - الجزء 1

  فقال: يا أمير المؤمنين إني سمعت فلانا يقول: لو قد مات أمير المؤمنين لقد بايعت فلانا، فقال عمر: إنني لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغصبوا المسلمين أمرهم، قلت: إن الموسم يجمع رعاع الناس، ولكن أمهل حتى تقدم المدينة.

  فلما قدم المدينة قال: إنه بلغني أن فلانا منكم يقول: لو قد مات أمير المؤمنين بايعت فلانا، فلا يغرنّ امرأ أن يقول: بيعة أبي بكر كانت فلتة، وقد كانت كذلك إلّا أن الله - تعالى - وقى شرها.

  ثم قال: إن عليا والزبير ومن معهما تخلفوا عنا في بيت فاطمة، وتخلفت عنا الأنصار بأسرها في سقيفة بني ساعدة، واجتمع المهاجرون إلى بيت أبي بكر، فقالوا: يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار، فانطلقنا نؤمهم فإذا هم مجتمعون في سقيفة بني ساعدة بين أظهرهم رجل متزمل، قلت: من هذا؟

  قالوا: سعد بن عبادة.

  قلت: ما شأنه؟

  قالوا: هو وجع.

  فقام خطيب الأنصار، ثم قال: نحن الأنصار، وكتيبة الإسلام وأنتم يا معشر قريش رهط منا، فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا⁣(⁣١)، فلما أردت الكلام قال أبو بكر: على رسلك، فحمد الله أبو بكر ثم قال: لن تعرف العرب هذا الأمر إلّا لهذا الحي من قريش، وإني قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم، وأخذ بيدي ويد أبي عبيدة بن الجراح.

  فلما قضى أبو بكر مقالته قام رجل من الأنصار فقال: أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش، وإلا أحلنا الحرب فيما بيننا وبينكم جذعة⁣(⁣٢).

  قال معمر عن قتادة: فقال: إنه لا يصلح سيفان في غمد واحد، ولكن منا الأمراء ومنكم الوزراء.


(١) نهاية الصفحة [١٣١ - أ].

(٢) انظر الطبري (٢/ ٤٤٦)، وشرح النهج (١/ ١٥٠).