المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[بين عبد الله بن مسعود وعثمان بن عفان]

صفحة 290 - الجزء 1

  كعب⁣(⁣١) أن لا تقرأ، وأمر بكل مصحف على تلك الحروف أن يحرق؛ وقد قال رسول الله: «نزل القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف»⁣(⁣٢).

  فقال أبو ذر: ويلك لا تحرق كتاب الله فيكون دمك أول دم يهراق، وقال له أبي: يا بن الهاوية، يا ابن النار الحامية قد فعلتها.

  وجاء رجل إلى أبي في مسجد رسول الله فقال: ما تقول في عثمان؟ فسكت وقال: جزاكم الله يا أصحاب محمد شرا، أشهدتم الوحي وغبنا تكتموننا؟! فقال أبي عند ذلك: هلك أصحاب العقدة ورب الكعبة، أما والله لئن أبقاني الله إلى يوم الجمعة قلت، قتلت أو استحييت، فمات قبل الجمعة.

  وصلّى عثمان بمنى أربع ركعات، فقال ابن مسعود: صليت خلف رسول الله ركعتين، وخلف أبي بكر وعمر كذلك، ثم⁣(⁣٣) تفرقت بكم السبل، صليت حقي⁣(⁣٤) من أربعكم ركعتين متقبلتين.

  وأرسل إلى علي وهو بمنى أن يصلي بالناس، فأرسل علي # إليه إني إن صليت صليت ركعتين، فأعاد عليه أن صل أربع ركعات، فأبى علي #.

  فلما رأى المسلمون تعطيل الحدود والأحكام، وإيثار الدنيا⁣(⁣٥) على الآخرة ساروا إليه من كل أفق يستتيبونه، فأرسل إلى المهاجرين والأنصار: إني أتوب، وأرد المظالم إلى أهلها، وأقيم


(١) هو أبي بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار، سيد القراء، أبو منذر الأنصاري المدني، شهد العقبة، حدث عنه بنوه: محمد، والطفيل، وأنس بن مالك، وابن عباس، وآخرون، قال الواقدي: مات في سنة اثنتين وعشرين بالمدينة، وقال: سمعنا من يقول إنه مات في خلافة عثمان سنة ثلاثين، انظر: سير أعلام النبلاء (١/ ٣٨٩ - ٤٠٢)، والطبقات لابن سعد (٣/ ٢ / ٥٩).

(٢) أخرجه الطبراني في الكبير عن حذيفة، وعبد الله بن مسعود، كما رواه البزار (١/ ٣١٥)، ابن حبان (١٧٨١)، ومجمع الزوائد (٧/ ١٥٢) انظر الكبير (ح / ١٠٠٩٠، ١٠٢٧٣)، (١٠١٠٧)، (٣٠١٩)، (٢٠/ ٣١٢)، وانظر أيضا لفظ القرآن في مفتاح كنوز السنة ص (٣٩٥ - ٤٠٥).

(٣) نهاية الصفحة [١٣٧ - أ].

(٤) في (ب، ج): صليت خطي.

(٥) في (ب، ج): وإيثار الدنيا.