المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[بين عبد الله بن مسعود وعثمان بن عفان]

صفحة 291 - الجزء 1

  الحدود والأحكام، وأنصف وأعزل عمّالي، فلما سمعوا ذلك قبلوا ورضوا، فرجعوا إلى أمصارهم.

  فلما انصرف الناس طلب أصحاب رسول الله الذي أعطاهم من نفسه فأبى، وزعم أنه لا يطيق ضرب الوليد بن عقبة، وقال: دونكم فاضربوه، فضربه علي # بيده، وسألوه أن يقيد بدينار، فأبى وزعم أنه أولى به وأنه عفا عن الوليد، فقال الزبير: والله لتقيدن بدينار أو لنقتلن دنانير كثيرة. فأبى وكتب إلى معاوية: إن أهل المدينة قد كفروا وخالفوا الطاعة، فأرسل إلى أهل الشام على كل صعب وذلول، وكتب إلى أهل الشام فنفروا إليه مع أسيد بن كرز القسري جد خالد بن عبد الله⁣(⁣١)، حتى إذا كانوا بوادي القرى بلغهم قتله، وكان كتب إلى عبد الله بن أبي سرح عامله على مصر: انظر فلانا وفلانا - لرجال من خيار المسلمين من أصحاب رسول الله ÷(⁣٢) ومن التابعين - فإذا قدموا إليك⁣(⁣٣) فاقتل فلانا واصلب فلانا واقطع يد فلان، وبعث في ذلك أبا الأعور السلمي⁣(⁣٤)، فلقوه في بعض الطريق،


(١) هو أسيد وقيل: أسد بن كرز بن عامر بن عبد الله بن عبد شمس القسري جد خالد بن عبد الله القسري، حديثه عند يونس بن إسحاق بن إسماعيل بن واسط البجلي، عن خالد بن عبد الله بن زيد بن أسد القسري، عن جده أسد بن كرز سمع النبي، قال في أسد الغابة: وقيل: أسد وهو الصحيح. وروى خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسيد عن أبيه عن جده أسيد بن كرز، كان يبالغ في سب علي، انظر: أسد الغابة (١/ ٧٠، ٩١) تجريد أسماء الصحابة (١/ ١٤) الاستيعاب (١/ ١٧٤ ت ٢٨) الثقات (٣/ ١٨) الوافي بالوفيات (٩/ ٨) ذيل الكاشف (٦٢) الإصابة (١/ ٣٣ ت ١٠٣). أما خالد فهو خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد القسري من بجيلة، أبو الهيثم، أمير العراقين لبني أمية، من أهل دمشق، ولي مكة للوليد بن عبد الملك، ثم ولاه هشام العراقين، ولد سنة (٦٦ هـ / ٦٨٦) م وقتل سنة (١٢٦ هـ / ٧٤٣ م). قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت يحيى بن نعيم قال: خالد بن عبد الله القسري، كان واليا لبني أمية، وكان رجل سوء، وكان يقع في علي بن أبي طالب، وكان يقول على المنبر: العنوا علي بن أبي طالب فإنه لص ابن لص، بضم اللام، ودخل عليه جعدة بن هبيرة المخزومي وفي يده نبق يأكل منه، فقال له: إذا شتمت عليا فلك بكل نبقة دينار. وأخباره ونصبه وعداوته لأمير المؤمنين كثيرة إلا أن لنا تعقيبا بسيطا، وهو أن ابن حبان ذكره في الثقات، وقيل لسيار: نروي عن خالد؟ قال: إنه كان أشرف من أن يكذب، وهذا من أعجب العجائب أن يكون الناصبي ثقة وهو يسب أمير المؤمنين، ولم يعلموا أن سب أمير المؤمنين هو سب لرسول الله ÷، قال ÷: «من سب عليا فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله»، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، انظر: الأعلام (٢/ ٢٩٧) تهذيب التهذيب (٣/ ١٠١ ت ١٧٢٦) تهذيب تاريخ ابن عساكر (٥/ ٦٦) ميزان الاعتدال (١/ ٦٣٣) الغارات (٢/ ٨٣٣) النصب والنواصب لحسن المعلم ص (٣١٤) شرح النهج (٣/ ٣٥).

(٢) نهاية الصفحة [١٣٨ - أ].

(٣) في (أ، د): عليك.

(٤) هو: عمرو بن سفيان بن قائف بن الأوقص بن مرة بن هلال بن فالج، وقال بعضهم: سفيان بن عمرو كان مع معاوية وعمرو بن العاص في صفين، وكان أشد من عنده على علي # وكان علي يذكره في القنوت في صلاة الغداة ويقول: اللهم عليك به - مع قوم يدعو عليهم في قنوته، انظر: الاستيعاب (ت ٢٨٧٨)، المغازي للواقدي (٢٦٦)، تاريخ اليعقوبي (٢/ ١٨٧)، أسد الغابة (ت ٥٦٩٢)، الإصابة (ت ٩٥٤٢).