المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[بعض أخبار الجمل ونكث طلحة والزبير ببيعة أمير المؤمنين]

صفحة 303 - الجزء 1

  أفضت الخلافة إليه أمر عمار بن ياسر وأبا الهيثم بن التيهان يقسمان ما في بيت مال المسلمين عليهم بالسوية ففعلا، وأصاب كل رجل واحد منهم ثلاثمائة دينار، فانتهى إليهما طلحة والزبير مع كل واحد منهما⁣(⁣١) ابنة، فأعطوهما مثل ما أعطوا سائر الناس، فانتهيا إلى أمير المؤمنين # وهو ببئر الملك يعمل فيها فقالا: يرحمك الله إنا وجدنا عمارا وأبا الهيثم قد فرّقا على الناس ما في بيت مالهم، فأعطوا أولادنا مثل عامة المسلمين وجعلانا أسوتهم.

  قال: بذلك أمرتهم.

  قالا: ليس هكذا كان يعطينا عمر.

  قال: أيهما أفضل عمر أم رسول الله؟

  قالا: بل رسول الله.

  قال: فهذا كتاب الله وسنة نبيه وتلا عليهما: {ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ} إلى قوله تعالى {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ}⁣[الحشر: ٧].

  قالا: قرابتنا من رسول الله وسابقتنا وبلاؤنا.

  قال: أنتما أسبق مني؟

  قالا: لا.

  قال: فأنتما أقرب قرابة بالرسول ÷ أم أنا؟

  قالا: لا بل أنت.

  قال: فأنتما أعظم عناء في الإسلام أم أنا؟

  قالا: بل أنت.

  قال: فما أنا وأجيريّ هذين في مال الله - وأومى إلى أجيرين يعملان معه - إلّا سواء.

  قالا: فأذن لنا في العمرة.

  قال: انطلقا، فما العمرة تريدان، ولكن الغدرة، ولقد نبئت بأمر كما ورأيت مصارعكما،


(١) نهاية الصفحة [١٤٩ - أ].