[كتاب معاوية لابن العاص]
  وهو بفلسطين:
  أما بعد: فقد كان من أمر علي وطلحة والزبير ما بلغك، وقد سقط إلينا مروان بن الحكم في رافضة أهل البصرة، وقدم إلينا جرير بن عبد الله(١) في بيعة علي، وقد حبست نفسي عليك حتى تأتيني(٢)، فلما قدم الكتاب على عمرو، استشار ابنيه:(٣) عبد الله ومحمدا، فقال عبد الله: قر في بيتك ولا تكن حاشية لمعاوية على دنيا قليلة.
  وقال محمد: إنك شيخ قريش، وإن تصرّم هذا الأمر وأنت فيه خامل تصاغر أمرك، فالحق بجماعة أهل الشام، واطلب بدم عثمان.
  فسار حتى قدم على معاوية. فقال: أبا عبد الله، إن عليا نزل بالكوفة متهيئا للمسير(٤) إلينا، فقال: والله ما تسوّي العرب بينك وبينه في شيء إلّا أن تظلمه.
  وفي حديث عمر بن سعد أنه قال: أدعوك إلى جهاد هذا الرجل الذي عصا ربه وشق عصى المسلمين، وقتل الخليفة(٥)، فقال عمرو: والله يا معاوية ما أنت وعلي بعكمي بعير(٦)،
(١) هو جرير بن عبد الله بن جابر بن مالك بن نصر بن ثعلبة بن جشم بن عوف، أبو عمرو، وقيل: أبو عبد الله - البجلي القسري، وقسر من قحطان، حدث عنه أنس، وقيس بن أبي جازم، وأبو وائل والشعبي، وهمام بن الحارث وأولاده الأربعة: المنذر وعبيد وإبراهيم وأيوب، وغيرهم، وبايع النبي ÷ لكل مسلم، توفي سنة (٥٤ هـ)، وقيل: (٥١ هـ)، انظر: سير أعلام النبلاء (٢/ ٥٣٠ - ٥٣٧)، طبقات ابن سعد (٢٢٦)، أسد الغابة (١/ ٣٣٣)، مقاتل الطالبيين (٩٣)، وقعة صفين، انظر الفهرس ص (٥٦٦)، الاستيعاب (١/ ٣٣٧).
(٢) أورد الخبر بشيء من التفصيل ابن أبي الحديد في شرح النهج (١/ ٣١٨) و (١/ ٢ / ص ٦١) ط (٢) طبعة دار مكتبة الحياة، وفي كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم هكذا: نصر، عن عمر بن سعد، ومحمد بن عبيد قالا: كتب معاوية إلى عمرو وهو بالبيع من فلسطين (أما بعد فإنه كان من أمر علي وطلحة، والزبير ما قد بلغك وقد سقط إلينا مروان بن الحكم في رافضة أهل البصرة، وقدم علينا جرير بن عبد الله في بيعة علي وقد حبست نفسي عليك حتى تأتيني. أقبل أذاكرك أمرا)، وقعة صفين (٣٤)، شرح النهج بتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (١/ ٦١).
(٣) في (ب): واستشار ابنيه.
(٤) في (ج): بالمسير.
(٥) رواه نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد في كتاب وقعة صفين (ص ٣٧)، وعنه ابن أبي الحديد في شرح النهج (١/ ٣٢٠).
(٦) يقال: بعكمي البعير للرجلين يتساويان في الشرف، والعكمان أعدلان يشدان على جانبي الهودج يثوب، انظر: لسان العرب (١٥/ ٣٠٩)، أمثال الميداني (٢/ ٢٨٩)، الحيوان (٣/ ١٠)، وفي شرح النهج: (ما أنت وعلي بحملي بعير ليس لك) انظر النهج (١/ ٣٢٠)، (٢/ ٦٤) ط (٢).