المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[ذكر الحكمين]

صفحة 319 - الجزء 1

  قال أبو جعفر وأبو الطفيل⁣(⁣١): وضعوا في كل مجنبة⁣(⁣٢) مائتي مصحف «وفي القلب مائة مصحف»⁣(⁣٣)، فكان جميعها خمسمائة مصحف، ثم نادى⁣(⁣٤): هذا كتاب الله بيننا وبينكم، فأقبل الأشتر على فرس كميت، قد وضع مغفرة على قربوس السرج يقول: اصبروا يا معشر المؤمنين قد حمي الوطيس واشتد القتال⁣(⁣٥)، قال نصر في حديث عمر بن سعد: فلما رفع أهل الشام المصاحف قال علي #: أنا أحق من أجاب إلى كتاب الله، ولكن معاوية وعمرو بن العاص وابن أبي معيط ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، إني أعرف بهم منكم، صحبتهم صغارا ورجالا، فكانوا أشر صغار وشر كبار⁣(⁣٦)، ورجال، وما رفعوها إلّا خديعة.

  فجاءه من أصحابه قدر عشرين ألفا مقنعين بالحديد، سالّي سيوفهم على عواتقهم، قد اسودّت جباههم من أثر السجود⁣(⁣٧)، فقالوا: يا علي أجب القوم إلى كتاب الله أو نقتلك كما قتلنا ابن عفان⁣(⁣٨)، وابعث إلى الأشتر فيأتيك، فقال⁣(⁣٩) الأشتر: أمهلوني فواق ناقة فقد أحسست بالظفر، فقالوا له: تحب أنك ظفرت ويقتل أمير المؤمنين أو يسلم إلى عدوه، فأقبل حتى انتهى إليهم فصاح يا أهل الذل والوهن أحين علوتم فظنوا أنكم قاهرون رفعوا المصاحف؟! حدثوني عنكم، فقد قتل أماثلكم، متى كنتم محقين أحين قتل خياركم فأنتم الآن


(١) هو: محمد بن علي الشعبي، انظر كتاب موقعة صفين ص (١٥٦، ١٦٧، ٢٠٤، ٢٣٧، ٣١٣، ٤٧٨، ٤٧٩، ٥٠٠، ٥٠٤). أما أبو الطفيل فهو عامر بن واثلة - بالثاء المثلثة - ابن عبد الله بت عمرو بن جحش الليثي، ولد عام أحد ورأى الرسول وروى عن أبي بكر فمن بعده، وعمر إلى أن مات سنة (١١٠ هـ)، وهو آخر من مات من الصحابة، وقيل: توفي سنة (١٠٠ هـ)، كان محبا لعلي #، وكان من أصحابه في مشاهده، انظر: الاستيعاب (٢/ ٣٤٧ ت ١٣٥٢)، الإصابة (ت ٤٤٥٤)، أسد الغابة (ت ٢٧٤٧)، الثقات (٣/ ٢٩١)، الأعلام (٣/ ٢٥٥)، سير أعلام النبلاء (٣/ ٤٦٧).

(٢) بكسر النون المشددة، ميمنة الجيش وميسرته.

(٣) ساقط في (أ).

(٤) في (أ): ثم نادوا.

(٥) انظر: موقعة صفين (ص ٤٧٨ - ٤٧٩)، وشرح النهج (١/ ٤٢٣ - ٤٢٤).

(٦) في (أ): فكانوا شر صغار وشر كبار، وفي وقعة صفين: فكانوا شرّا أطفال وشر رجال.

(٧) انظر: وقعة صفين ص (٤٨٩) وما بعدها.

(٨) في (ب، ج): عثمان بن عفان.

(٩) نهاية الصفحة [١٦١ - أ].