المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[خطبة قيس بن سعد بن عبادة]

صفحة 344 - الجزء 1

  الحمد لله الذي لم يزل للحمد أهلا، الذي منّ علينا بالإسلام وجعل فينا النبوة والكتاب⁣(⁣١)، واصطفانا على خلقه، فجعلنا شهداء على الناس، وجعل الرسول علينا شهيدا، أيها الناس⁣(⁣٢) من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد ÷ فالجد في كتاب الله أب قال الله: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ}⁣[يوسف: ٣٨]، فأنا ابن البشير النذير، وأنا ابن الداعي إلى الله تعالى وأنا ابن السراج المنير، ونحن أهل البيت الذين كان جبريل فيهم ينزل، ومنهم يصعد، ونحن الذين افترض الله مودتنا وولايتنا، فقال: {قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى}⁣[الشورى: ٢٣]. أيها الناس⁣(⁣٣) لقد فارقكم في هذه الليلة رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه⁣(⁣٤) الآخرون، هيهات ... ! هيهات ... !، لطال ما قلبتم له الأمور في مواطن بدر وأحد وحنين وخيبر وأخواتها، جرعكم رنقا، وسوّغكم علقما⁣(⁣٥)، فلستم بملومين على بغضكم إياه.

  أيها الناس لقد فقدتم رجلا لم يكن بالملومة في أمر الله، ولا النئومة عن حق الله، ولا السروفة⁣(⁣٦) من مال الله، أعطى الكتاب عزائمه، دعاه فأجابه، وقاده فاتبعه ~ وعلى آله ومغفرته، ونحتسب أمير المؤمنين عند الله وأستودع الله ديني وأمانتي وخواتيم عملي⁣(⁣٧).

[خطبة قيس بن سعد بن عبادة]

  فقام قيس بن سعد بن عبادة، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإن الله - تعالى - بعث


(١) نهاية الصفحة [١٨٠ - أ].

(٢) في (أ): يا أيها الناس.

(٣) في (أ): يا أيها الناس.

(٤) في (أ): وما يدركه.

(٥) في (أ): وسوغكم علقا.

(٦) في (ب، ج): ولا السروقة.

(٧) الخطبة أورد بعضا منها أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين ص (٦٢)، وباقر شريف القرشي في كتابه (حياة الإمام الحسن) (٢/ ٣٢)، الطبري (٤/ ١٢١)، وما بعدها، شرح نهج البلاغة (١٦/ ٢٩ - ٣٠).