[خطبة قيس بن سعد بن عبادة]
  محمدا بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، فأدى عن الله رسالته، ونصح الله في عباده حتى توفاه، وقد رضي عمله وغفر ذنبه ÷.
  ثم ذكر الذين ولوا الأمر بعده، وذكر(١) عثمان، وقال: إنه خالف سنة من كان قبله، وسنّ سنن ضلالة لم تكن قبله، واستأثر بالفيء وحابى به أقرباءه، ووضعه في غير مواضعه، فرأى أهل الفضل من هذه الأمة أن ينفوا ما رأوه من إحداثه فقتلوه، ثم نهضوا إلى خير خلق الله بعد رسول الله وأولاهم بالأمر من بعده، فبايعوه فأقام الكتاب، وحكم بالحق، وتخلى عن الدنيا، ورضي منها بالكفاف، وتزود منها زاد البلغة، ولم يؤثر نفسه ولا أقرباءه بفيء المسلمين(٢)، فتوفاه الله حسن السيرة تابعا للسنة، ماحقا للبدعة، وهذا ابنه وابن رسول الله وأولى عباد الله اليوم بهذا الأمر، فقوموا إليه رحمكم الله فبايعوه ترشدوا وتصيبوا(٣).
  ثم قال: ابسط يدك يا ابن رسول الله أبايعك، فبسطها، فبايعه، وقام إليه المسيب بن نجبة الفزاري(٤)، وسليمان بن صرد الخزاعي(٥)، وسعيد بن عبد الله الحنفي، وحجر بن عدي فبايعوه، فكان يقول للرجل: تبايع على كتاب الله وسنة نبيه ÷ سلم من سالمت، وحرب لمن حاربت، فعلموا أنه يريد الجد في الحرب، فكان(٦) أمير المؤمنين # أوصاه بذلك
(١) نهاية الصفحة [١٨١ - أ].
(٢) في (أ): بفيء للمسلمين.
(٣) في مقاتل الطالبيين: إن الحسن بعد خطبته السابقة قام ابن عباس بين يديه، فدعا الناس إلى بيعته فاستجابوا له، وقالوا: ما أحبه إلينا، وأحقه بالخلافة فبايعوه، المقاتل ص (٦٢)، وانظر ص (٧٠).
(٤) هو: المسيب بن نجبة الفزاري، روى عن حذيفة، روى عنه أبو إسحاق السبيعي، يقال: إنه خرج وسليمان بن صرد سنة خمس وستين يطالبون بدم الحسين بن علي (كرم الله وجهه) فقتلا، انظر: الجرح والتعديل (٨/ ٢٩٣).
(٥) هو: سلمان بن صرد الأمير، أبو مطرف الخزاعي، الكوفي، الصحابي، له رواية يسيرة، وعن أبي وجبير بن مطعم، وعنه يحيى بن يعمر، وعدي بن ثابت، وأبو إسحاق، وآخرون قال ابن عبد الرحمن: كان ممن كاتب الحسين ليبايعه فلما عجز عن نصره ندم، وحارب وهو الذي بارز يوم صفين حوضا ذا ظليم فقتله، انظر: سير أعلام النبلاء (٣/ ٣٩٤ - ٣٩٥)، ابن سعد (٤/ ٢٩٢، ٦/ ٢٥)، مشاهير علماء الأمصار ت (٣٠٥)، الاستيعاب (٦٤٩)، تاريخ بغداد (١/ ٢٠٠)، أسد الغابة (٢/ ٤٤٩).
(٦) في (أ، ب، د): فكان.