المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[بين الحسن بن الحسن والحجاج وعبد الملك بن مروان]

صفحة 384 - الجزء 1

  # كان والي صدقات علي # في عصره، وكان الحجاج بن يوسف قال له يوما - وهو يسايره في موكبه بالمدينة والحجاج يومئذ أميرها: أدخل عمك عمر بن علي⁣(⁣١) معك في صدقة علي فإنه عمك وبقية أهلك.

  قال⁣(⁣٢): لا أغيّر شرط علي، ولا أدخل فيها من لم يدخل.

  قال: إذن أدخله معك، فنكص عنه الحسن حين غفل الحجاج، ثم كان وجهه إلى عبد الملك حتى قدم عليه، فوقف ببابه يطلب الأذن، فمر به يحيى بن الحكم، فلما رآه عدل إليه وآله وسلّم عليه وسأل عن مقدمه فأخبره، فقال يحيى: إني سأنفعك عند عبد الملك.

  ودخل الحسن بن الحسن # على عبد الملك فرحب به، وأحسن مساءلته، وكان الحسن قد أسرع إليه الشيب، فقال له عبد الملك: لقد أسرع إليك الشيب.

  فقال يحيى: وما يمنعه يا أمير المؤمنين شيبه أماني أهل العراق كل عام يقدم عليه منه ركب يمنونه الخلافة.

  فأقبل عليه الحسن بن الحسن وقال: بئس والله الرفد رفدت، وليس كما قلت ولكنا أهل بيت يسرع إلينا الشيب، وعبد الملك يسمع فأقبل عليه عبد الملك وقال: هلم ما قدمت له؟ فأخبره بقول الحجاج فقال: ليس ذلك له فاكتبوا إليه⁣(⁣٣) كتابا لا يجاوزه، ووصله وكتب له، فلما خرج من عنده لقي يحيى بن الحكم وعاتبه على سوء محضره، وقال: ما هذا الذي وعدتني.

  فقال له يحيى: إيها عنك، والله لا يزال يهابك، ولو لا هيبته إياك ما قضى لك حاجة، وما ألوتك رفدا، أي: ما قصرت في معاونتك⁣(⁣٤).


(١) هو عمر بن علي بن أبي طالب # الهاشمي، يروي عن أبيه وعنه ابنه محمد، قال العجلي: تابعي ثقة، مولده في أيام عمر، قال مصعب الزبيري: فلم يعطيه الوليد بن عبد الملك صدقة علي #، انظر: طبقات ابن سعد (٥/ ١١٧)، طبقات خليفة (ت ١٩٧٠)، تاريخ البخاري (٦/ ١٧٩)، تاريخ الإسلام (٣/ ٥٤، ١٨٩)، سير أعلام النبلاء (٤/ ١٣٤).

(٢) نهاية الصفحة [٢٠٧ - أ].

(٣) في (أ، د): فاكتبوا له.

(٤) الخبر أورده ابن عساكر في تاريخه برواية الزبير بن بكار، انظر: تهذيب ابن عساكر (٤/ ١٦٧)، كما أورد نتفا منه الذهبي في ترجمته (٤/ ٤٨٥)، ومصعب في نسب قريش مطولا ص (٤٦، ٤٧).