المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[مطاردته وسجنه]

صفحة 462 - الجزء 1

  قال: رجل من المسلمين أمرتك بمعروف فاعرفه، ونهيتك عن منكر فأنكره.

  قال: فضربه بعمود كان معه حتى غشي عليه عامة النهار، ودفعه إلى الربيع، وهؤلاء الذين كانوا من الزيدية، فقال لهم سليمان⁣(⁣١): كونوا على عدة، فإني أريد أن أنقب على هذا الرجل.

  فأجابوه بأجمعهم، واحتالوا حتى نقبوا المطبق وانفتح الحصن، وخرج الحسن وعليه كساء أسود، وقد ضرب شعره منكبيه، وكان علاجهم في النقب نصف النهار لما أراد الله من إطلاقه وتسهيل أمره، فبعث موسى بن زياد في «استئجار»⁣(⁣٢) حمار، فأبطأ فأقبلت أنا والحسن نمشي ويتعقل⁣(⁣٣) لا يستطيع المشي، والناس يستحثونه، فقال: لست أقدر على الخطو.

  فقالوا: أجهد نفسك واحمل عليها، ففعل، فلما انتهوا إلى قريب من الجسر أتي بحمارين فركب ومن معه، ومضيا جميعا حتى⁣(⁣٤) دخل إلى منزل كان في خان الشاهين⁣(⁣٥)، فنزل وأتي بابنه عبد الله وهو لا يعرفه، فسلم عليه واعتنقا جميعا يبكيان وسليمان يبكي، ثم تحمّل بعد إلى الحجاز، فأقام بها على أمان المهدي؛ حتى هلك #(⁣٦).


(١) أي سلمان بن الجنيد، وانظر تفاصيل أوفى عن ذلك في (الطبري (٦/ ٣٥٣)، ابن الأثير (٥/ ٥١).

(٢) ورد في الأصل: كرى، واللفظ غريب قريب للعامية.

(٣) يتعقل في مشيه أي يبطئ من مشيه نتيجة للوهن والإعياء الذي قد أصابه حين سجن ظلما.

(٤) نهاية الصفحة [٢٦٢ - أ].

(٥) خان الشاهين: أحد حارات بغداد في ذلك الوقت. وكلمة الخان كلمة أعجمية في الأصل، وتطلق على المنازل التي يسكنها التجار.

(٦) انظر تفاصيل أوفى عن ذلك في تاريخ الطبري (٦/ ٣٥٣)، ابن الأثير (٥/ ٥١)، وكتب التاريخ المختصة بتلك الفترة.