المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[سخاءه #]

صفحة 470 - الجزء 1

  والحسين بن علي: لتأتياني به أو لأحبسنكما، فإن له ثلاثة أيام لم يحضر العرض، ولقد خرج أو تغيب، فرادّاه بعض المرادة، وكان الحسين أبقاهما في الرد عليه⁣(⁣١) وأما يحيى فإنه شتمه، فخرج حتى دخل على العمري، فأعطاه الخبر فدعا بهما العمري، فوبّخهما⁣(⁣٢) وتهدّدهما، فتضاحك الحسين في وجهه وقال: أنت مغضب يا أبا حفص؟

  فقال⁣(⁣٣) له العمري: وتهزأ بي أيضا وتخاطبني بكنيتي؟

  فقال له: قد تكنى من هو خير منك أبو بكر وعمر، وكانا يكرهان أن يدعيا بالولاية، وأنت تكره كنيتك وهي الكنية التي اختارها لك أبوك.

  قال يحيى بن عبد الله لما بايعناه: خرجت على دابتي ركضا مسرعا حتى أتيت حدبا وهو على ميلين من المدينة وبها موسى بن جعفر، وكان موسى شديد الغيرة، فكان يأمر بإغلاق أبوابه والاستيثاق منها، فدققت بابه فأطلت حتى أجبت، وخبرت باسمي فأخبر الغلمان بعضهم بعضا من وراء الأبواب وهي مقفلة حتى فتحت وأذن لي، فدخلت، فقال: أي أخي في هذه الساعة؟!

  قلت: نعم حتى متى لا يقام لله بحق وحتى متى نضطهد ونستذل؟

  فقال: ما هذا الكلام!؟

  قلت: خرج الحسين وبايعناه، فاسترجع، قلت: جعلت فداك في أمرنا هذا شيء؟ وانصرفت إلى الحسين، فلما أصبح جاء إلى مسجد رسول الله فصلى بالناس الصبح، وبلغ العمري خبره، فزعم بعض أهل المدينة عنه أنه قال وقد نحب قلبه: أطعموني ماء واردموا البغلة بالباب وهرب⁣(⁣٤). وروي أنه حج من أهل واسط شيخ تلك السنة.


(١) نهاية الصفحة [٢٦٨ - أ].

(٢) في (ب، ج، د): فقبحهما.

(٣) في (أ): قال.

(٤) الحوار المشار إليه أورده أبو الفرج الأصفهاني في المقاتل ص (٣٧٢) وما بعدها، وانظر تاريخ الطبري (٦/ ٤١٠) وما بعدها.