المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[رواية أخرى]

صفحة 481 - الجزء 1

  فاقتتلوا قتالا شديدا أشد قتال أصحاب محمد بن سليمان وأصحابه وصبر المبيضة فلم ينهزم منهم أحد، حتى إذا أتي على أكثرهم جعل أصحاب محمد بن سليمان يصيحون بالحسين الأمان الأمان يبذلونه له، فيحمل عليهم ويقول: الأمان أريد، حتى قتل وقتل معه رجلان من أهل بيته، ورمي الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن بنشابة فأصابت عينه، فجعل يقاتل أشد قتال والنشابة مرتزة⁣(⁣١) في عينه، فصاح به محمد: يا ابن خال اتقي الله في نفسك فلك الأمان⁣(⁣٢).

  فقال: أتؤمنني على أن تمنعني ما تمنع⁣(⁣٣) منه نفسك⁣(⁣٤)؟ فأعطاه على ذلك العهود والمواثيق، فألقى سيفه وأقبل نحوه، فأمر بالنشابة فنزعت من عينه، وأمر بقطنة فغمست في دهن بنفسج وماء ورد ووضعت في عينه، وعصبت.

  واستسقى⁣(⁣٥)، فأمر محمد أن يسقي سويق لوز بثلج، ثم أرسل إلى موسى بن عيسى يخبره بأمره، فقال موسى «بن عيسى»⁣(⁣٦): ما نقطع أمرا من دون العباس بن محمد، وكان العباس بن محمد متقدما لموسى بينه وبين محمد، فبعث إليه يستشيره في أمره، فقال العباس: لا ولا كرامة أنت أمير الجيش وليس لمحمد إمرة يعطي فيها أحدا أمانا⁣(⁣٧).

  ووجه بالرسالة إلى موسى مع ابنه عبد الله، فقال موسى: القول ما قال العباس يقتل ولا ينفذ له أمان.

  فجاء عبد الله يركض مسرورا بذلك، فلما صار حيث يرونه استعجل، فجعل يريهم بيده


(١) مرتزة. رزّ وارتزّ السهم في الحائط ثبت، والإرزيز: الطعن الثابت، المنجد، المعجم الوسيط مادة: (رزز).

(٢) الخبر أورده أبو الفرج الأصفهاني في المقاتل ص (٣٧٩).

(٣) في (ب، ج، د): مما تمنع.

(٤) في مقاتل الطالبيين: «فقال: والله ما لكم أمان، ولكني أقبل منكم» ص (٣٧٩).

(٥) في (أ، د): فاستسقى.

(٦) ساقط في (د، أ).

(٧) انظر مقاتل الطالبيين ص (٣٧٩) وما قبلها وما بعدها.