[استشهاده #]
  بخرابهما فيما خربت، فكان فيما خربت مجلسا، فإذا يحيى بن عبد الله في جوف بعض الأساطين، مصحفة معلق من عنقه.
  وذكر: أنه لما أمر الملقب بالمعتضد بخراب قصر جده أبي جعفر المعروف بقصر الذهب(١) ليزيده في مسجد جامع أهل بغداد الغربي(٢)، وكل شيخ بخراب القصر، ففيما هدم من البيوت والمجالس ظهر بيت في قبلة مسجد الجامع الغربي الأول وكان(٣) يلى قصر الذهب، ينزل إلى ذلك البيت بمراقي وهوازج وإذا في ذلك الأزج آثار رجال قد سمروا في حيطانه، وإذا المسامير في مواضع الأيدي والأرجل والرءوس، فإذا العظام بالية قد نخرت وتناثرت إلى الأرض وبعضها منوط بالمسامير في الحائط، وإذا قباب صغار مبنية في ذلك الأزج من أوله إلى آخره، فهدم بعضها، فإذا رجال(٤) في الحديد مقيدين ومغللين قد بنيت عليهم وهم جلوس، وإذا في البيت جابية ضيقة الرأس وإذا فيها رجل قد بلى واندثرت عظامه بعضها من بعض، وإذا جمجمة في الجابية، فجهدت أن أخرج الجمجمة من تلك الجابية فما قدرت على ذلك.
  فقال لي بعض من كان معي: فكيف أدخل هذا الميت إلى هذه الجابية مع رأسه والرأس لا يخرج الآن بعد أن بلي؟
  فقلت له: لم يدخل إلّا بجهد جهيد ومشقة على المدخول.
  فكتب في ذلك مؤامرة إلى السلطان، فأخبره الخبر وأجابه بتوقيع في مؤامرته أن سد باب هذا البيت وأدخله في البناء فهو اليوم في وسط مسجد أهل بغداد الغربي.
(١) أي قصر أبي جعفر المنصور، انظر: الروض المعطار (١٠٩ - ١١٢)، (٣٧٥)، ومعجم البلدان مادة (بغداد).
(٢) هو أحد مساجد بغداد القديم آنذاك، وكان مما يلي قصر الذهب.
(٣) في (أ): فكان.
(٤) نهاية الصفحة [٣٠١ - أ].