المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[استشهاده #]

صفحة 505 - الجزء 1

  قلت: لبيك جعلت فداك.

  قال: إن لصاحبك هذا قبلنا إرادة، وهذه أمانة الله بيني وبينك علي أن تكتم على هذه القرطاس⁣(⁣١) حتى يمضي إرادته فينا، فإذا كان ذلك كذلك⁣(⁣٢) فناولها إياه.

  قال: فأخذتها منه فإذا قرطاس قدر إصبع مختومة.

  ثم قال: حرجت عليك بوقوفك بين يدي الله تعالى لما كتمتها عليّ إلى ذلك الوقت.

  قال: فكتمتها وأحرزتها.

  قال: فما مضى لذلك أيام حتى رفعت جنازة من الدار، وقيل: جنازة يحيى بن عبد الله، فلما⁣(⁣٣) فرغ من دفنها حملت القرطاس⁣(⁣٤) إليه وأخبرته الخبر ففكها، فإذا فيها:

  . يا هارون المستعدي قد تقدم، والخصم في الأثر، والقاضي لا يحتاج إلى بينة.

  فبكى حتى بل طرف ثوبه⁣(⁣٥)، ثم قال لي: أناولتنيها في حياته.

  فقلت له: إنه حرج عليّ بالعظيم من الأيمان.

  قال زيد بن الحسين أبو أحمد: حدثت صالح بن هامان⁣(⁣٦) بهذا الحديث كاتب عبد الله بن طاهر، فقال لي: رفعت الجنازة يا أبا أحمد لا والله ما كانت جنازة يحيى بن عبد الله.

  فقلت: فكيف ذلك؟

  قال: لما قدمنا مع المأمون بعد إذ أمر بخراب الخلد والقرار⁣(⁣٧) قصري أم جعفر فوكلت


(١) في (أ): القرطاسة.

(٢) ساقط في (أ).

(٣) نهاية الصفحة [٣٠٠ - أ].

(٤) في (أ): القرطاسة.

(٥) في (د، ج، ب): ذيله.

(٦) في (أ): صالح بن هان. وصالح بن برهان هو كاتب عبد الله بن طاهر.

(٧) الخلد هو قصر بناه المنصور ببغداد بعد فراغه من مدينته على شاطئ دجلة، وذلك في سنة (١٥٩ هـ)، انظر: معجم البلدان (٢/ ٣٨٢). والقرار: قصر من قصور بني العباس بقرب الصراة النهر الذي يتشعب من الفرات ويجري إلى بغداد. انظر الروض المعطار (٣٥٧).