المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[بيعته وبعض من أخباره]

صفحة 516 - الجزء 1

  قال: كنت واقفا في سوق الكيل «بالسوق»⁣(⁣١) في بعض حوائج محمد # إذ وقف عليّ فارس حسن اللحية ممتد القامة عليه ثياب ودرع بيضاء وعمامة خز، وكان راكبا على فرس كميت أغر⁣(⁣٢)، فسلم فرددت #، فقال: يا موفق إنك قد وصفت لي بخير، وقد رجوت أن تكون موضعا لسري، والصنيعة⁣(⁣٣) عندي، فهل أنت مصدق لي ظني ومتلطف لي في حاجتي؟

  فقلت: ما أحقك رحمك الله بأن يصان سرك ويرغب في اليد عندك، فأما الحاجة فقد كنت لا أضمنها إلّا بعد المعرفة فإن قدرت على قضائها قضيت، وإن تكن الأخرى لم أكن عندك في حد أهل الغدر والكذب.

  قال: فتبسم، ثم قال: صدقت وبرزت حاجتي أن يستأذن لي على أبي عبد الله لأسلم⁣(⁣٤) عليه وأجدد عهدا به وأقضي ما أوجب الله علي من حقه.

  قال: فسكت متفكرا في حاجته وارتج علي جوابه ولم أدر ما أقدم عليه إن أذنت له من موافقه محمد، وعظم علي رده لما رأيت من حسن منظره وكمال هيئته ورأى التحير⁣(⁣٥) والإفحام في وجهي، فقال لي: أو غير هذا؟

  قلت: وما هو؟

  قال: توصل إليه كتابي، ثم يكون هو بعد يرى رأيه⁣(⁣٦) في الإذن لي.

  فقلت: ذلك إليك⁣(⁣٧)، فدفع إليّ كتابا فيه هذا الشعر:


(١) ساقط في (أ).

(٢) الفرس الكميت ما كان لونه بين الأسود والأحمر، وهو تصغير أكمت ترجيما، والجمع كمت. والأغر: الغرّة من كل شيء أوله وأكرمه، وبياض في جبهة الفرس، أي أنه فرس لونه بين الأسود والأحمر على جبهته بياض.

(٣) في (ب، ج، د): للضيعة.

(٤) نهاية الصفحة [٣٠٩ - أ].

(٥) التحير والإفحام: حار: حورا وحئورا رجع، والحائر المتردد والمهزول، والإفحام: أفحم الخصم أسكته بالحجة.

(٦) في (ج): برأيه.

(٧) في (أ، ج، د): لك.