[أبو السرايا ومواقفه مع صاحب الترجمة]
  قال: قلنا: فإنه معنا، فخر لله ساجدا، ثم وثب ولبس ثيابه وتقلد سيفه، وأقبل إليه، فلما رآه محمد اعتنقه وأدنى مجلسه(١).
  قال(٢) نصر بن مزاحم: حدثني عبد الله بن محمد قال: لما كان في يوم الخميس لسبع ليال خلون من رجب وهو اليوم الذي تواعد فيه محمد بن إبراهيم وأبو السرايا، خرج محمد من جبانة بشر(٣) من منزل عمران بن مسعد(٤) فيمن كان بايعه من الزيدية، ومن معه من عوام الناس إلى مسجد السهلة(٥) لموعده فأبطأ عليهم حتى ندم محمد وخاف أن يكون قد غدر به وعرف الكآبة في وجهه، فلما تعالى النهار وافاهم أبو السرايا مما يلي القنطرة.
  قال نصر بن مزاحم: فحدثني محبوب بن يزيد النهشلي، قال: سمعت صيحة(٦) الناس وتكبيرهم فخرجت لأستعلم الخبر، فلقيت أبا الفضل مولى العباسيين، فقلت: ما الخبر؟ فقال:
  ألم تر أن الله أظهر دينه ... وضلت بنو العباس خلف بني علي
  وقد ظهر ما كنتم تسرون وعلا ما كنتم تكتمون، وهذا محمد بن إبراهيم في المسجد
(١) انظر المقاتل ص (٤٢٦) وما بعدها.
(٢) القائل هو: المنقري بنفس الإسناد السابق.
(٣) جبّانة: الجبّان في الأصل الصحراء وأهل الكوفة يسمون المقابر جبّانة، كما يسميها أهل البصرة المقبرة، وبالكوفة محالّ تسمى بهذا الاسم وتضاف إلى القبائل منها: جبانة كندة، وجبانة السبيع كان بها يوم للمختار بن عبيد، وجبانة ميمونة منسوبة إلى أبي بشير ميمون مولى محمد بن علي بن عبد الله بن العباس صاحب الطاقات ببغداد بالقرب من باب الشام، وجبانة عرزم نسب إليها بعض أهل العلم، وجبانة سالم تنسب إلى سالم بن عمارة بن عبد الحارث بن ملكان بن نهار، وجبانة بشر لعلها تنسب إلى بشر بن مروان، ولي إمرة الكوفة والبصرة لأخيه عبد الملك سنة (٧٤ هـ)، انظر: معجم البلدان (٢/ ٩٩ - ١٠٠)، الكامل لابن الأثير (٣/ ٣٥٩).
(٤) في (ب، ج): سعد.
(٥) مسجد بالكوفة، قال أبو حمزة الثمالي: قال لي أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق #: يا أبا حمزة هل تعرف مسجد سهل؟ قلت: عندنا مسجد يسمى السهلة قال: أما إني لم أرد سواه لو أن زيدا أتاه فصلى فيه واستجار ربه من القتل لأجاره، إن فيه لموضع البيت الذي كان يحط فيه إدريس #، ومنه رفع السلام، ومنه كان إبراهيم # يخرج إلى العمالقة وفيه موضع الصخرة التي صورة الأنبياء فيها، وفيه الطينة التي خلق الله الأنبياء منها، وهو موضع مناح الخضر وما أتاه مغموم إلّا فرج الله عنه، معجم البلدان (٣/ ٢٩٠ - ٢٩١).
(٦) في (أ): ضجة.