المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[بعض أخباره]

صفحة 537 - الجزء 1

  عن نصر بن مزاحم عن عبد الله بن محمد قال: وقف أبو السرايا على شاطئ سوراء⁣(⁣١) مما يلي الكوفة، ونادى عبدوس في أصحابه، فركبوا دوابهم ولبسوا أسلحتهم، ووقف حياله، وقال: يا أبا السرايا على من تجاهل⁣(⁣٢) وإلى كم تمادي في غيك، وتتابع في ضلالك مرة شارد تحارب جنود أمير المؤمنين وتقتل رعيته، ومرة لص تقطع الطريق وتخيف السابلة، ومرة تستنهض السفهاء إلى خلع الطاعة ونكث البيعة، أما آن لك أن ترجع إلى حظك، ويفارقك شيطانك، أترجوا أن تزيل الدولة وتغير الخلافة بغوغاء الكوفة ويهود الحيرة؟ هيهات ... هيهات دون ذلك سيوف خراسان ورماحها⁣(⁣٣)، وفرسان الأنبار وحماتها، أما والله إن الأمان لأودع وأعود عليك، وأحقن لدمك، فالنهضة قبل الصرعة والرجعة قبل الندامة⁣(⁣٤).

  قال: وإنه ليكلمه بهذا الكلام إذ أتى أبا السرايا رجل من أهل القرى فدله على مخاضة، فدعا أبا كتيلة⁣(⁣٥) فوجهه عليها، فسار على سوراء يريد العبور من تلك المخاضة، وأتاه رجل آخر فدله على مخاضة أخرى فوجه عليها أبا الشوك⁣(⁣٦)، وأمره أن يعبر منها، فلم يلبث أن سمعنا التكبير من ناحية الجامع، والنداء بشعار أبي السرايا، فعبر الكوفيون النهر بالتراس والرماح فوضعوا فيهم أسيافهم وانهزم أهل بغداد، فلم ينج منهم إلّا⁣(⁣٧) القليل، وقتل عبدوس، واصطلم عسكره وأسر أخوه هارون⁣(⁣٨).

  عن نصر بن مزاحم⁣(⁣٩)، عن عبد الله بن محمد قال: رأيت ظفر بن عصام⁣(⁣١٠) يعترض عسكر


(١) موضع يقال له: جنب بغداد، وقيل: هو بغداد نفسها، قيل: سميت بسوراء بنت أردوان بن باطي الذي قتله كسرى أردشير وهي ابتنها، والشاطئ منسوب إليها مما يلي الكوفة، معجم البلدان (٣/ ٢٧٨).

(٢) في (أ): تحمل.

(٣) في (ج): أرماحها.

(٤) انظر مقاتل الطالبيين ص (٤٢٩) وما بعدها.

(٥) انظر مقاتل الطالبيين ص (٤٤٢).

(٦) أبا الشوك: انظر مقاتل الطالبيين ص (٤٢٦ - ٤٤٦).

(٧) نهاية الصفحة [٣٢٨ - أ].

(٨) إخوة هارون: انظر مقاتل الطالبيين ص (٤٣٣)، وفي الطبري، وهارون بن محمد بن أبي خالد.

(٩) عنه بنفس الإسناد السابق.

(١٠) لم أقف على ترجمته.