المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[بعض أخباره]

صفحة 539 - الجزء 1

  ثم إن الحسن بن سهل دعا بالسندي بن شاهك⁣(⁣١)، فقال له: ترى ما هجم علينا من هؤلاء القوم، وقتلهم من قتلوا وأسرهم من أسروا، وقد أردت توجيهك⁣(⁣٢) إلى هرثمة بن أعين وهو ممن قد عرفت عداوته لنا، وإنكاره حقنا وسروره بكل ما دخل علينا من الوهن، والنقص في دولتنا، ولست أرجو قدومه ولا آمل رجعته، وكتب إلى هرثمة، قال السندي: فلحقت هرثمة بحلوان⁣(⁣٣) حين هم بالرحلة منها، فلما قيل له: السندي بالباب أمر بإدخالي عليه، فلما قدمت عليه وأخبرته الخبر، وورد عليه كتاب من منصور بن مهدي⁣(⁣٤) في جوفه رقعة كتب بها إليه أبو السرايا فيها أبيات من شعر:

  هزمت زهيرا واصطلمت جيوشه⁣(⁣٥) ... وقلدته عارا شديدا إلى الحشر

  وأوردت عبدوس المنايا وحزبه ... وأخرجت هارونا إلى أضيق الأمر

  وأيتمت أولادا أرملت نسوة ... وأنهبت أقواما فصاروا إلى الفقر

  فلما وصل إليه كتاب منصور وقرأ الشعر الذي فيه بكى حتى رأيت الدموع تنحدر⁣(⁣٦) على لحيته تحدرا وأمر قواده وجنوده بالمسير، وتوجه نحو بغداد، فلما وصل إلى النهروان تلقاه بنو هاشم وأشراف الناس سرورا بقدومه وتعظيما لأمره، وارتفعت الأصوات بالتكبير والدعاء حتى دخل من أبواب خراسان فتلقاه النساء والصبيان بالضجيج والبكاء على قتلاهم، ورفع إليه الأطفال واليتامى، فلما رأى كثرة من قتل⁣(⁣٧) منهم بكى، ثم قال: لا يهدى الله من كان هذا فعله، وبعث إلى الحسن بن سهل رسولا يسأله تقويته بما في بيت المال من الأموال،


(١) السندي بن شاهك. انظر: مقاتل الطالبيين ص (٤١٦، ٤١٧، ٤٣٦)، الكامل لابن الأثير (٥/ ١٠٨، ١٣٦).

(٢) في (أ، د): توجهك.

(٣) حلوان في عدة مواضع، حلوان العراق وهي في آخر حدود السواد مما يلي الجبال من بغداد، وأيضا بليدة بقوهستان نيسابور وهي آخر حدود خراسان مما يلي أصبهان، انظر معجم البلدان (٢/ ٢٩٠ - ٢٩٤).

(٤) في (ج): المهدي.

(٥) في (ب، ج، د): خيوله.

(٦) الأولى أن يقول: تنحدر، وفي (ج): تنحدر من على.

(٧) نهاية الصفحة [٣٣٠ - أ].