المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[استشهاد أبي السرايا]

صفحة 544 - الجزء 1

  احتشد واحتفل فخرج أبو السرايا إليه في أهل الكوفة، فاقتتلوا قتالا شديدا، وصبر كلا الفريقين وامتدت بهم الحرب حتى انتصف النهار، وحميت الشمس عليهم، وكثر النداء في جانب الكوفة بالسلاح، فلم يبق متخلف إلّا لحق بهم، ولا متقاعد إلّا نهض للمعونة، وخرج النساء، والصبيان يرمون بالحجارة، ويستقبلون الناس بالماء والسويق.

  قال بعض الناس: رأيت أبا السرايا في ذلك اليوم يشد على الميمنة فيخالطهم فيضرب ويطعن، ثم يرجز بالرماح⁣(⁣١) فيشد على الميسرة، فيفعل فعله بالميمنة حتى أكثر القتلى، وتخضبت كفاه بالدم⁣(⁣٢)، وهو يقول:

  وجهي مجني والحسام حصني ... والرمح ينبي بالضمير عني

  واليوم أبدي ما أقول مني

  عن نصر بن مزاحم عن عبد الله بن محمد قال: طرق هرثمة الكوفة يوم السبت لسبع خلون من المحرم، فخرج إليه أبو السرايا بالناس «فاقتتلوا قتالا شديدا مليا من النهار، ثم انصرف وقد ظهر على أهل الكوفة وقتل منهم وأسر»⁣(⁣٣)، فلما أن كان يوم الخميس لأربع عشرة «ليلة»⁣(⁣٤) خلت⁣(⁣٥) من المحرم أقبل وقد «استعدوا»⁣(⁣٦) حتى وقف بالرصافة، وعبأ خيله تعبئة الحرب⁣(⁣٧).

  قال عبد الله: وقد كنت ممن وقف بالميسرة، فخرج علينا رجل كأطول الرجال وأكملهم على فرس وفي يده درقة وسيف، وهو يقول:

  هل بارز للبطل المفارس ... «وراغب»⁣(⁣٨) في نصره منافس


(١) في (أ): الرماح.

(٢) نهاية الصفحة [٣٣٤ - أ].

(٣) ساقط في (أ).

(٤) ساقط في (أ).

(٥) في (أ): خلون.

(٦) ساقط في (ج).

(٧) انظر مقاتل الطالبيين ص (٤٤٣) وما بعدها، والطبري (١٠/ ٢٣٠)، وقارن بين التاريخين، وما سبق التنويه إليه.

(٨) في أصولي: الراغب.