المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[استشهاد أبي السرايا]

صفحة 551 - الجزء 1

  قال: فهذا هرثمة أساء إليك وفعل بك ما فعل، فما الذي أساء إليك أمير المؤمنين حتى نكثت بيعته وخرجت عن طاعته⁣(⁣١)؟

  قال: استغواني جهال من الكوفة ورووا لي الروايات.

  قال⁣(⁣٢): أو لم أؤمنك، فما الذي منعك أن تقدم على أماني؟

  قال: القدر الغالب، والشقاء اللازم، فكبر الحسن⁣(⁣٣) وقال: وكذلك يقتلك القضاء والقدر.

  قال: استبقني أيها الأمير فو الله لأنصحنك نصيحة لم ينصحها أحد من الناس.

  قال: كذبتك نفسك، وأخطأ أملك قم يا هارون بن محمد فاقتله بأخيك⁣(⁣٤).

  فقال أبو السرايا: أنظرني أصلي ركعتين أختم بها عملي.

  قال: بل ذاك فرار من الموت، وحبا للحياة.

  قال: لو فررت من الموت ما وقفت هذا الموقف، وما أنا بأول رجل قتل والموت يعفو كل أجل⁣(⁣٥)، وما عند الله خير وأبقى⁣(⁣٦)، فضرب هارون عنقه، وأمر الحسن بصلبه على جسر بغداد⁣(⁣٧).

  وقدم بمحمد بن محمد⁣(⁣٨) فأدخل دار الإمارة فأشرف المأمون⁣(⁣٩) فرق له وتعجب من صغر


(١) في (أ، د): وخرجت.

(٢) نهاية الصفحة [٣٤٠ - أ].

(٣) في (ب، ج، د): وكب الحسن.

(٤) هو هارون بن محمد بن أبي خالد، وأخوه المشار إليه هو عبدوس، انظر الكامل لابن الأثير (٥/ ١٨١، ١٨٢)، ومقاتل الطالبيين ص (٤٤٦). أما فاقتله بأخيك، ففي مقاتل الطالبيين: قم يا هارون بن أبي يحيى فاضرب عنقه بأخيك عبدوس بن عبد الصمد، فقام إليه فقدمه فضرب عنقه.

(٥) في (ب، ج، د): وما أنا بأول من قتل ولا بآخر من قتل وللموت يعفو كل أحد.

(٦) في (أ): وما عند الله خير وأبقى وأرضى.

(٧) في مقاتل الطالبيين ص (٤٤٦)، وقد صلب رأسه في الجانب الشرقي، وبدنه في الجانب الغربي، وكذا قتل غلامه أبا الشوك وصلب معه، انظر: المحبر لابن حبيب ص (٤٨٩)، مقاتل الطالبيين ص (٤٤٦)، وفي الطبري (وكان بين خروجه بالكوفة وقتله عشرة أشهر)، الطبري (١٠/ ٢٣١).

(٨) في مقاتل الطالبيين ص (٤٤٦): أن محمد بن محمد حمل إلى خراسان، فأقيم بين يدي المأمون وهو جالس في مستشرف له ... إلخ، مقاتل الطالبيين ص (٤٤٦) وما بعدها.

(٩) المأمون: هو عبد الله بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور. انظر الأعلام للزركلي (/ ١٤٢) ومصادره.