[بعض مواقفه في شبابه]
  وسمعت أيضا أنه حين دخل آمل(١) كان خفه عند الإسكاف فلاحه الإسكاف، وجفاه، فأخذ خفا من «خفافه»(٢) وقت خروجه، ورفع العارضة(٣) بيده من الأسطوانة، «وجعل بعض الخف تحت العارضة»(٤) وبعضه معلقا، ففقد الإسكاف الخف، وظن أنه سرق، وتعلق بإنسان.
  قال يحيى: لا عليك خفك تحت العارضة، فنظروا فتعجبوا، فسألوه الإخراج له فرفع يده(٥) وأخرج الخف، فبلغ صاحب السلطان شجاعة أعرابي فتعلق به، وقال: إن لك لشأنا، وما أنت إلّا رجل ممن يحذر السلطان جانبه، فسأله يحيى الإفراج عنه، فأبى وقال له: أرني من شجاعتك شيئا.
  فقال: هل يحضر في الحال شيء يمكن لي أن أريك؟
  فقال: ليس معي إلّا دنانير عتق(٦)، فأخذ بعض الدنانير فقطعه ببنانه قطعا، فأفرج الرجل عنه.
  وسمعت أنه كان يخرج في المفازة على نجيب(٧) فجاءه أعرابي ليسلب منه شيئا، فدافعه(٨) فأبى، فأخذ بيده شيئا، وقال: تعال وخذ هذه الدنانير، فقال: ألقها إليّ، فقال: تعال وخذها، فذهب الرجل فأخذ بيده الأخرى وغدا مع الإبل، فأداره حتى قطعه قطعة قطعة.
(١) إحدى نواحي طبرستان، وهي قصبة طبرستان، كان في القديم أول طبرستان آمل ثم ما مطير وبينها وبين آمل ستة فراسخ، انظر معجم البلدان (٤/ ١٣ - ١٦).
(٢) ورد في الأصل: أخفافه.
(٣) العارضة: الثنية من الأسنان، والخشبة العليا التي يدور فيها الباب، يقال: هو قوي العارضة: ذو جلد وصرمة وقدرة على الكلام، وذو بديهة ورأي جيد، جمعها عوارض والعوارض.
(٤) ساقط في (أ).
(٥) في (ج): بيده.
(٦) عتق الشيء عتقا قدم، فهو عاتق وعتيق، وبلغ نهايته ومداه، وعتق المال صلح، والمعنى دنانير قديمة أو صالحة للاستخدام.
(٧) وقوله: على نجيب، النجيب البعير والفرس إذا كانا كريمين عتيقين.
(٨) نهاية الصفحة [٣٥٩ - أ].