المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[خطبته بعد وفاة والده #]

صفحة 593 - الجزء 1

  خاتم النبيين، بشيرا ونذيرا إلى جميع المخلوقين، وأنزل عليه كتابا فيه نور مبين، وشفاء لما في الصدور، {لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ⁣(⁣١) مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}⁣[فصلت: ٤٢]، أمر عباده بالعمل على ما فرضه عليهم وآكد من الأمر عليهم بعد أن أعطاهم الاستطاعة، ومكنهم من القدرة على ما أمرهم به ودعاهم إليه {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ}⁣[الأنفال: ٤٢].

  ولسنا (رحمكم الله) بأبناء دنيا فنتكالب عليها، ولا بأهل الباطل فنطلب الأمارة والسلطان والأمر والنهي من غير استحقاق، وعلى غير جهة رشد وسداد، واستقامة وصلاح، أكثركم يعلم كيف كنتم للهادي ¥ بعد دعائكم إياه إلى بلادكم وبيعتكم له على كتاب الله وسنة نبيه محمد ÷ وإحياء معالم الدين، ومجاهدة الجبارين الظالمين، ألم ينقض أكثركم تلك العهود المؤكدة والمواثيق المغلظة⁣(⁣٢)؟!

  ألم ينكث جلكم أيمانكم بعد توكيدها، وقد جعلتم الله عليكم كفيلا؟!

  ألم يدع أكثركم الحق جهرا واتبع الباطل وباع الكثير الباقي بالتافه اليسير الفاني؟! وكان ¥ يقاسي منكم الأمرين، وتصيبه منكم المحن المتواترة، وتعاملونه بأقبح المعاملة، وتقابلونه على جميع أفعاله معكم وإحسانه إليكم⁣(⁣٣) وعفوه عن ذنوبكم بالإساءة إليه والخروج عليه فصبر من ذميم أفعالكم وقبيح معاملاتكم على ما لا يصبر عليه إلّا من امتحن الله قلبه بالتقوى⁣(⁣٤)، ونوره باليقين والهدى، ما قصر ولا وني من دعائكم إلى رشدكم⁣(⁣٥)، وإلى طاعة ربكم، ولا سئم من نصحكم والشفقة عليكم، ولا ترك تقويم المتأوّد منكم، ولا بخل بما حوته يده عليكم، ومواساتكم⁣(⁣٦) بنفسه وماله، لم يتعلق عليه أحد منكم


(١) نهاية الصفحة [٣٧١ - أ].

(٢) في (د): الغليظة.

(٣) في (أ): عليكم.

(٤) في (أ، د): للتقوى.

(٥) نهاية الصفحة [٣٧٢ - أ].

(٦) في (أ): مواساته.