[خطبته بعد عزمه على الاعتزال]
  أن يقسموا الأعشار والصدقات، وما يجري مجراها(١) من الأموال على ما كان الهادي ¥ يقسمها، لم يتناول منها درهما فما فوقه، ولم يتناول من طعامهم طعاما.
  فلما استقامت له الأمور، جد في تسريب الخيول لقتال القرامطة وأهل البدع والزيغ في الإسلام، فنصر الله أولياءه على أعدائه، وعلت كلمة الحق وقتل القرامطة في كل فج، وآمن الله المرتضى لدين الله والمسلمين من شر القرامطة، وجعل دائرة السوء عليهم، وقتلوا في كل موضع(٢). والحمد لله رب العالمين.
[خطبته بعد عزمه على الاعتزال]
  وقال في خطبة خطبها بعد عزمه على الاعتزال:
  ثم إنكم معاشر المسلمين أقبلتم علي بعد موت الهادي ¥ وأردتموني على قبول بيعتكم فامتنعت مما سألتموني ودافعت بالأمر ولم أؤيسكم من إجابتكم إلى ما طلبتم(٣) مني، خوفا من استيلاء القرمطي لعنه الله على بلادكم، وتعرضه للضعفاء والأيتام والأرامل منكم، فأجريت أموركم على ما كان الهادي ¥ يجريها، ولم أتلبس بشيء من عرض دنياكم، ولم أتناول قليلا ولا كثيرا من أموالكم، فلما أخزى الله القرمطي: {وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً}[الأحزاب: ٢٥]، تدبرت أمري وأمركم، ونظرت فيما أتعرضه من أخلاقكم، فوجدت أموركم تجري على غير سننها، وألفيتكم تميلون إلى الباطل وتنفرون عن الحق وتستخفون بأهل الصلاح والخير والدين والورع منكم، لا تتناهون عن منكر تفعلونه، ولا تستحيون من قبيح تأتونه وذنب عظيم ترتكبونه، ولا تتعظون بوعظ الواعظين، ولا تقبلون نصح الناصحين، بل تجرون في غيكم، وعن أمر الله إلى نهيه عادلين، وعن من(٤) يأمركم
(١) في (أ): مجراهما.
(٢) نهاية الصفحة [٣٧٤ - أ].
(٣) في (أ): طلبتكم.
(٤) في (ج): ما.