المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[بعض رسائله #]

صفحة 600 - الجزء 1

  مقامي بغبي، ولا اسمي بمجهول، فيعذر الغافل والمتثاقل، ويجد حجة الخاذل، ويمكن المتخلف التأول، مع المحن التي أنا فيها، والأمور التي أقاسيها من كثرة لائم لا يرضى، وعابد للدنيا ومتطلب للسعة والغنى، ومتربص لا يبقى، ومفرد عند الشدائد لا يرعى، ومتسخط وقت لا يعطى، وما دعوت إلى الدنيا فإذا عدمها أهلها معي ذهبوا، وإذا فارقوها انقلبوا.

  ألا وإني إنما دعوت إلى ما دعا إليه من كان قبلي من الأئمة الطاهرين والعباد الصالحين، أنا عبد الله وابن نبيه ÷ الشاري نفسه لله سبحانه، الغضبان لله جل ثناؤه إذ عصي في أرضه، واستخف بفرضه، وقتلت الدعاة إلى دينه، فلو أسعفتني الأعوان، وعاضدتني الأنصار، وصبر على دعوتي أهل الأديان، لعلوت فرسي، واعتصيت رمحي، وتقلدت نجاد سيفي، وأخذت درعي⁣(⁣١)، وقصدت أعداء الله جل ذكره⁣(⁣٢)، وكافحت الأقران في يوم الطعان، صابرا محتسبا، مسرورا جذلا، إذا أشرعت الأسنة، واختلفت الأعنة، ودعيت نزال لمكافحة الأبطال⁣(⁣٣)، وتكافحت الرجال، وسالت الدماء، وكثرت الصرعى، ورضي الرب الأعلى، فيا لها خطة مرضية لله جل ثناؤه ما أشرفها، وأنا أشهد الله لوددت أني أجد إلى حيلة سبيلا، يعز فيها الدين ويصلح على يدي أمر هذه الأمة، وإني أجوع يوما وأطعم يوما حتى تنقضي أيامي وألاقي حمامي، فذلك أعظم السرور وأجل الحبور، وأشرف الأمور، ولو كان ذلك وأمكن ما نزلت عن فرسي، إلّا لوقت صلاة، والصفان قائمان، والجمعان يقتتلان، والخيلان تتجاولان، فنكون في ذلك كما قال شاعر أمير المؤمنين # بصفين:

  أيمنعنا القوم ماء الفرات ... وفينا السيوف وفينا الجحف

  وفينا الشوارب مثل الوشيج ... وفينا الرماح وفينا الزعف

  وفينا علي له سورة ... إذا خوفوه الردى لم يخف


(١) في (أ): واحتشيت درعي.

(٢) نهاية الصفحة [٣٧٩ - أ].

(٣) في (أ، د): لمعانقة الأبطال.