لا ثمرة لأي قول وعمل لا يقصد بهما مطابقة أوامر الله ونواهيه
  جوابا على السيوطي لما تكلم على رواية فيها الإرسال ما لفظه: قلت لا يضر ذلك فإنه من قسم المرسل الذي أجمع السلف على قبوله، كما ذكر العلامة محمد بن إبراهيم الوزير، عن العلامة الكبير محمد بن جرير، وقال إنه إجماع السلف، ولم يظهر الخلاف إلا بعد المائتين، ذكر ذلك في شرح التحفة العلوية.
لا ثمرة لأي قول وعمل لا يقصد بهما مطابقة أوامر الله ونواهيه
  واعلم أيها الأخ أمدنا الله وإياك بتأييده، وبصرنا بألطافه وتسديده، أن من تفكر في المبدأ والمعاد، ونظر بعين التحقيق إلى ما تنتهي إليه أحوال العباد، يعلم علما لا ريب فيه أنه لا طائل ولا ثمرة لأي قول وعمل لا يقصد بهما مطابقة أوامر الله ونواهيه، وموافقة مراده من عباده ومراضيه، وما يضطر إليه فله حكم الضرورة، وذلك لأن المعلوم الذي لا يتردد فيه عاقل، أنه لا بقاء لهذه الدار، ولا لجميع ما فيها ولا قرار، وإنما هي ظل زائل، وسناد مائل، وغرور حائل، ولله القائل:
  منافسة الفنى فيما يزول ... على نقصان همته دليل
  ومختار القليل أقل منه ... وكل فوائد الدنيا قليل
  فكيف وبعد ذلك دار غير هذا الدار:
  تفنى اللذاذة ممن نال بغيته ... من الحرام ويبقى الإثم والعار
  تبقى مغبة سوء في عواقبها ... لا خير في لذة من بعدها النار
  ولن يعبر عنها معبر أبلغ مما عبر وحذر ربنا الذي أحاط بكل شيء علما، نحو قوله تعالى: {إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ}[لقمان: ٣٣] ولو لا ما أراد الله بها من إقامة حجته، وإبانة حكمته لقضائه العدل وحكمه الفصل أن لا يثيب ولا يعاقب على مجرد العلم منه سبحانه، وإنما يجازي جل وعلا على الأعمال بعد التمكين، والاختيار، والإعذار، والإنذار، قال تعالى: {اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[فصلت: ٤٠].