[مكان ما سوى دماء الحج الخمسة، ودماء العمرة]
  مِنًى فِي الْحَجِّ، وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ فِي العُمْرَةِ، وَأَمَّا نَحْرُهُ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَلِلْعُذْرِ.
  وَهَذَا وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ فِعْلِهِ فِي الْحُدَيْبِيَةِ، وَبَيْنَ الآيَةِ الكَرِيْمَةِ وَبَيَانِهَا، وَيُرْجَعُ بِهِمَا حِيْنَئِذٍ إِلَى الاِخْتِيَارِ وَالاِضْطِرَارِ»، إِلخ، وَهْوَ قَوِيْمٌ، إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: «كُلُّ مِنًى فِي الْحَجِّ، وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ فِي العُمْرَةِ»، لَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا التَّخْصِيْصِ فِي شَيْءٍ مِنَ الأَخْبَارِ، إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ فِي (شَرْحِ الأَثْمَارِ) مَا لَفْظُهُ: «وَفِي (المُوَطَّأِ) قَالَ مَالِكٌ بَلَغَهُ أَنَّ النَّبِيَّ ÷ قَالَ بِمِنًى: «هَذَا المَنْحَرُ، وَكُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ». وَقَالَ فِي العُمْرَةِ: «هَذَا المَنْحَرُ - يَعْنِي المَرْوَةَ -، وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ وَطُرُقِهَا مَنْحَرٌ»»، انْتَهَى، فَفِيْهِ رَايِحَةٌ، وَلَكِنَّهَا غَيْرُ وَاضِحَةٍ فِي التَّخْصِيْصِ؛ إِذْ قَوْلُهُ: فِي العُمْرَةِ، لَيْسَ مِنْ لَفْظِ الْخَبَرِ مَعَ أَنَّهُ مُرْسَلٌ، وَهْوَ أَشَفُّ مَا يُسْتَنَدُ إِلَيْهِ فِي الفَرْقِ بَيْنَ دِمَاءِ الْحَجِّ وَالعُمْرَةِ كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ.
  أَمَّا كَوْنُ دَمِ السَّعْيِ حَيْثُ شَاءَ فَهْوَ المَذْهَبُ، قَالَ فِي (الضِّيَاءِ): «ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الفَوَارِسِ فِي تَعْلِيْقِهِ لِمَذْهَبِ الهَادِي، وَنَحْوُهُ فِي (الوَافِي لِمَذْهَبِ الهَادِي) أَيْضًا، وَكَذَا دَمُ طَوَافِ القُدُومِ إِذَا لَزِمَهُ بِتَرْكِهِ، فَقَدْ أَشَارَ الشَّيْخُ أَبْو جَعْفَرٍ فِي (الكَافِي) أَنَّهُ يُهْرِيْقُهُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ، كَدَمِ السَّعْيِ عِنْدَ القَاسِمِيَّةِ».
  قَالَ فِي (الضِّيَاءِ): «لَمْ أَعْرِفْ وَجْهَ اخْتِصَاصِ هَذَيْنِ الدَّمَيْنِ»، انْتَهَى.