النوع الحادي عشر: المداهنة
النوع الحادي عشر: المداهنة
  هي سبب لإنفتاح عدم الموالاة لأولياء الله والمعاداة لأعداء الله، وعدم الغضب على من ارتكب محارم الله تعالى، وهو باب عظيم البلوى، شامل(١) للخلق سيما في هذا الزمان.
  وحقيقتها الاغضاء عن المنكر لئلا يغضب فاعله، وسبب ذلك إما لخوف من الفاعل على نفس أو مال أو عرض، وإما لطمع في الجاه أو المال.
  نعم، يدفع ذلك بأن يعتقد أن خوف الله تعالى أهم من خوف الناس، إذ هو تعالى الملجأ في الشدائد العظيمة، والناس ضعفاء محتاجون لا يضرونك ولا ينفعونك فيما أراد الله خلاف ذلك، والحاصل أن من واظب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خرج عن المداهنة، وعنه ÷: «القوا الفساق بوجوه مكفهرة»، وهو يدل على أن من سقط عنه وجوب الإنكار بالقول والفعل لخلل شرطٍ لا يحسن منه الطلاقة والبشر في حق مرتكب القبائح، فإذا أمكنه الإنكار وفعله لم يلزمه بعد ذلك هجره والغلظة في كل حال.
  نعم، لا بأس بإطعام الفاسق وأكل طعامه ونحو ذلك مع إظهارِ كراهة فعله، والقيامِ بواجب الانكار عليه، وليس من المداهنة تعظيم أهل الشرف من العصاة رجاء لرجوعهم إلى الخير، أو لنصرتهم للحق، أو لخذلهم للباطل، وغير ذلك من المصالح الدينية، لأن أفعاله ÷
(١) في المخطوط: شاملة.