المختصر المفيد للقرشي،

أحمد بن إسماعيل القرشي (المتوفى: 1282 هـ)

الثاني: الجود

صفحة 113 - الجزء 1

الثاني: الجود

  وهو الإنفاق بحسب التدبير، وهو ما قضى به العقل والشرع أو أحدهما، كالواجبات، ثم المندوبات، وما جرت به العادة، وما قدّمه الإنسان لنفسه فكنز موضوع لوقت حاجته، ومن عرف من نفسه الصبر عند الحاجة إلى الناس، أو عرف بمقتضى جُرِّي العادة أنه يقع له خَلَف عما أنفق حَسُن منه إنفاق جميع ماله، أو بعضه، حسبما يعرف من حاله، ومن لم يعرف ذلك من نفسه، ولم يثق به أبقى قدر كفايته بعد إخراج الواجب، فعليه من أمر دنياه بالاقتصار على المحتاج.

  نعم، والسخاء والإحسان إلى الغير مما توارد العقل والنقل على حسنهما، ولكن لا يحسن ذلك إلا مع حسن القصد، وأن لا يعلم المُعْطِي استعانة المُعْطَى بما يصير إليه على المعصية، وألاّ تُجْحِف العطية بحال المعطي على ما ذكر من التفصيل.

الثالث: الزهد

  هو في الشرع ترك المباحات التي يُخاف من التولّع بها أن تحمله على الدخول في الشبهات، والزهد في الشرع مندوب، كما وردت الأخبار والآثار، فينبغي للعبد أن يقتصر من الدنيا على قدر الكفاية على حسب ما تحتمله نفسه، فإن هذا أمر يختلف بالاعتبار، فقد يكون شيء من صفة المعاش زهداً في حق رجل؛ لأنه لا يحتمل دونه، بل قد يضعفه عن الطاعات، دون رجل آخر لإمكانه الاقتصار على أقل