المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[وفاة النبي ÷]

صفحة 248 - الجزء 1

  فقال: «اغربن عني يا صويحبات يوسف»، فلما رجع بلال ولم يقم رسول الله بعثته عائشة بنت أبي بكر فقالت: يا بلال مر أبا بكر فليصل بالناس، ووجد رسول الله خفّة فقام فتمسح وتوضأ، وخرج معه علي والفضل بن عباس وقد أقيمت الصلاة وتقدم أبو بكر ليصلي، وكان جبريل # الذي أمره بالخروج ليصلي بهم، وعلم ما يقع من الفتنة إن صلّى بهم أبو بكر، وخرج رسول الله يمشي بين علي والفضل وقدماه يخطان في الأرض حتى دخل المسجد، فلما رآه أبو بكر تأخر، وتقدم رسول الله وصلّى بالناس، فلما سلّم أمر عليا والفضل فقال: «ضعاني على المنبر»، فوضعاه على منبره، فسكت ساعة فقال: «يا أمة أحمد، إن وصيتي فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، اعتصموا بهما تردوا على نبيكم حوضه، ألا ليذادنّ عنه رجال منكم، فأقول سحقا سحقا» ثم أمر عليا والفضل أن يدخلاه منزله، وأمر بباب الحجرة ففتح ودخل الناس عليه، فقال: «إن الله لعن الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» ثم قال: «ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلون بعدي أبدا».

  فقال عمر بن الخطاب: إن رسول الله ليهجر، كتابا غير كتاب الله يريد.

  فسمع رسول الله قوله فغضب، ثم قال لهم: «اخرجوا عني وأستودعكم⁣(⁣١) كتاب الله وأهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما، وأنفذوا جيش أسامة، لا يتخلف عن بعثته إلّا عاص لله ولرسوله»، ثم جعل يقول: «اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم»، وخرج الناس وأغلق الباب الذي كان على الحجرة، فلما طلعت الشمس وانبسطت، ثقل رسول الله ورأسه في حجر علي # والفضل يذب عنه بين يديه⁣(⁣٢)، وأقبل رسول الله على علي يساره يناجيه، وتنحى الفضل، فطالت مناجاته، فكان علي # يقول: إنه أوصاني وعلمني بما هو كائن بعده⁣(⁣٣).


(١) نهاية الصفحة [١٠٨ - أ].

(٢) في (أ): والفضل يذب عن رسول الله ÷.

(٣) في (أ): أنه أوصاه وعلمه بما هو كائن بعده.