الفرقة الناجية
  فلذا قالت: بعد ما قضى دعاءه لابن عمه وابنيه وفاطمة، وقد بين لها ولغيرها أنهم غير داخلين في معنى الآية والدعاء، فكان ذلك على فرض صحته إيناسا، وتطييبا للخاطر، وكذلك ما روي لواثلة بن الأسقع، ولا يضر ذلك بعد البيان القاطع، فليس إلا كقوله تعالى: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي}[إبراهيم: ٣٦]، وكقوله ÷: «سلمان منا أهل البيت»، «وشيعتنا منا»، مما علم أن ليس المراد في أحكامهم الخاصة قطعا وإجماعا، وإنما هم من جانبهم، ومن المتصلين بهم، والأمر في ذلك جلي، والأمة مجمعة على اختلاف طرائفها على دخولهم، وسواهم يحتاج إلى دليل، ولا دليل بل البرهان القاطع قائم على خلافه، وأيضا الآية دالة على العصمة قطعا، ولا قائل من الأمة بعصمة غيرهم، فبان عدم دخول الغير وإلا خرج الحق عن أيدي الأمة قطعا.
  فإن قيل: ورد في لفظ بعض الرواة تفسير الرجس بالشك في دين الله.
  قلنا: تفسيره به لا ينفي ما عداه مما علم أنه موضوع له قطعا لغة وشرعا، فهو تنصيص على بعض أفراد العام، لعظم التطهير منه ومزيد الاهتمام، مع أنه تفسير للرجس لا غير، والتطهير المؤكد الذي أخبر الله به وحذف متعلقه يقتضي العموم لكل ما يتنزه عنه، ويطلق على إذهابه أنه تطهير كما هو معلوم، ثم إن تلك رواية آحاد فلا تعارض ما علم من معناه الموضوع له.
  فإن قيل: الحصر على الأربعة يقتضي أن لا تدخل ذريتهم في الحكم معهم.
  قلنا: إنما أراد ÷ إخراج من يتوهم دخوله ممن عداهم من الموجودين من الأقارب، والأزواج، لقيام القاطع على ذلك، فأما ذريتهم فهم يدخلون في لفظ أهل البيت والعترة، كما يدخل من يوجد من الأمة في مسمى الأمة، وأيضا أجمعت الأمة على كونهم أهل البيت والعترة، وإنما الخلاف في دخول غيرهم معهم، فتحصل الإجماع عليهم قطعا، ومن خولف في إدخاله من غيرهم قد قامت تلك البراهين على إخراجه.