المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

الفرقة الناجية

صفحة 32 - الجزء 1

  هذا ولنا أيضا على إدخال ذرية الخمسة وبقائهم إلى قيام الساعة، وأن أهل البيت الحجة على الأمة، أخبار التمسك، والسفينة، وأنهم أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان أهل السماء فإذا ذهبوا من الأرض أتى أهل الأرض ما يوعدون، وأخبار الإمام المهدي الموعود به لإظهار دين الله، وغير ذلك من الأحاديث المتواترة المعلومة لجميع الأمة، لا تخبوا أنوارها، ولا تأفل شموسها وأقمارها، وهي صريحة في وجوب التمسك بهم، والدخول في سفينتهم، وفي جميع الأحكام، وكونهم الأمان على مرور الأزمان، فهي أصح وأصرح وأقطع للحجة من أدلة إجماع الأمة قطعا، بل ليس للإجماع العام معهم ثمرة، بل لم يظهر أن المراد بما ورد في الإجماع إلا جماعة العترة، ولذا قال قائلهم:

  إجماعنا حجة الإجماع وهو له ... أقوى دليل على ما العلم ينبيه

  فإن قيل: المراد بآل محمد فيما ورد بلفظه: أتباعه.

  فالجواب: لا شك أنه قد أبلغ المعارضون مستطاعهم في رد ما فضل الله به أهل البيت، فنقول: أما لفظ العترة والذرية فلم يستطع أي معارض المنازعة في اختصاصهم بهما، وكذا أهل البيت، لم يمكن لمدع أن يدعي فيه، غاية الأمر أن يدخل معهم الزوجات، أو يقول: هم آل علي وآل جعفر وآل عقيل، وآل العباس، وأخبار الكساء المعلومة بصيغة الحصر، ورد أم سلمة، وغيرها مانعة من دخول غيرهم، كما أوضحناه، وأما لفظ آل محمد فقد ادعى البعض ذلك.

  وروي فيه خبرا ضعيفا عن أهل الحديث: آل محمد كل تقي، وقد حمله من أنصف من المحدثين على أن المراد الأتقياء من أهل البيت، لإخراج غير الأتقياء على قوله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ}⁣[هود: ٤٦] الآية، ذكره في الجامع الصغير، وإن دعوى أن المراد بآل محمد أتباعه لبمكان من البطلان لا يحوج معه إلى إقامة برهان، إذ المعلوم أن الله تعالى قد خص من يطلق عليهم هذا اللفظ بأحكام يستحيل أن يراد بها كل الأمة، منها تحريم الزكاة على آل محمد،