المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[عهد معاوية لابنه يزيد بالإمارة]

صفحة 356 - الجزء 1

  الرجل فبادراه وليوص إلى يزيد فإنه أرضانا، ولا نأمن أن يخرج هذا الأمر إلى آل أبي تراب، فدخلا عليه وقد أفاق وهو يقول: أصبحت ثقيل الوزر عظيم الجرم.

  فقالا: إن الناس قد اضطربوا وأنت حي، فكيف إن حدث بك حدث، وقد رضوا بيزيد.

  فقال معاوية: لم يزل هذا رأيي وهل يستقيم لهم غير يزيد، إني إنما طلبتها لتبقى في ولدي إلى يوم القيامة، ولا تنالها ذرية أبي تراب.

  قال: وأدخل عليه الناس فقال: يا أهل الشام كيف رضاكم عن أمير المؤمنين؟

  فقالوا: خير الرضى كنت فكنت، وشتموا علي بن أبي⁣(⁣١) طالب والحسن والحسين $ وقرظوا يزيد ومدحوه، فقال لهم: قوموا فبايعوه، فأول من بايعه الضحاك بن قيس ثم مسلم بن عقبة، ثم الناس.

  قال: وخرج يزيد من فوره وتعمم بعمامة معاوية، وتختم بخاتمه، وعليه قميص عثمان الملطخ بالدم في عنقه، وهكذا كان يفعل⁣(⁣٢) معاوية عند إغراء أهل الشام بعلي وأهل بيته $، فحمد الله وأثنى عليه وخطب وبايعه بقية الناس⁣(⁣٣)، فلما كان من الغد دخل الناس على معاوية، ويزيد بين يديه، فأخرج كتابا من تحت وسادته نسخه:

  . هذا ما عهد «به»⁣(⁣٤) معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين إلى ابنه يزيد بن معاوية: أنه قد بايعه، وعهد إليه، جعل الأمر من بعده إليه، وسماه أمير المؤمنين، على أن يحفظ هذا الحي من قريش، ويبعد قاتل الأحبة هذا الحي من الأنصار، وأن يقدم بني أمية وبني عبد شمس على بني هاشم وغيرهم، ويطلب بدم المظلوم المذبوح أمير المؤمنين عثمان قتيل


(١) نهاية الصفحة [١٨٨ - أ].

(٢) في (أ): كان يفعله.

(٣) انظر: العقد الفريد (٤/ ١٥٣)، عيون الأخبار (٢/ ٢٣٩)، حياة الحسين (٢/ ٢٤٣ - ٢٤٤).

(٤) ساقط في (أ).