المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[أمان الرشيد لصاحب الترجمة]

صفحة 498 - الجزء 1

  فقال محمد بن الحسن الفقيه: بعث إليّ أبو البحتري وإلى عدة⁣(⁣١) من الفقهاء فيهم عبد الله بن صخر قاضي الرقة⁣(⁣٢)، فأتيناه، فقال: إن أمير المؤمنين باعث إليكم أمان يحيى بن عبد الله فاتقوا الله وانظروا لأنفسكم وقولوا الحق.

  قال فغدونا فبدأ بنا في الإذن، فلما سلمنا وجلسنا ألقي الأمان إلينا فنظرنا فيه، فقلنا جميعا: ما نري فيه شيئا يخرجه من أمانه، فأخذه أبو البحتري ونظر فيه ثم قال: ما أراه إلّا خارجا من أمانه، فأمرنا بالقيام فقمنا وانصرفنا، فلما كان من الغد بعث الرشيد بالأمان مع مسرور الخادم⁣(⁣٣) إلى أبي البحتري، فأتاه، فقال: إن أمير المؤمنين يقول لك إني ظننت أنك قلت في أمان يحيى بعض ما ظننته يقرب من موافقتي ولست أريد فيه إلّا الحق، فأعد النظر فيه فإن رأيته جائزا فاردده، وإن لم تره جائزا فخزّقه⁣(⁣٤).

  قال مسرور: فأبلغته الرسالة.

  فقال: أنا على مثل قولي بالأمس.

  فقلت له: هذا الأمان معي فنظر فيه ثم قال⁣(⁣٥): ما أرى فيه إلّا مثل ما قد قلته.

  فقلت له: فخزّقه⁣(⁣٦) إذن.

  فقال: يا غلام هات المدية.

  فقلت لغلام⁣(⁣٧) كان معي يقال له محبوب: يا محبوب هات سكينا، فأخرجها من خفه


(١) في (أ، د): جماعة.

(٢) لعله عبد الله بن صخر ورد ذكره في الجرح والتعديل (٥/ ٨٥ ت ٣٩٥)، وقال: روى كلاما في الزهد والحكمة عن رجل تراءى له ثم غاب حتى لا يدري كيف ذهب فذكر له أنه كان الخضر #، روى نعيم بن ميسرة عن رجل من يحصب عنه. والرقة: مدينة مشهورة على الفرات، انظر معجم البلدان (٣/ ٥٨ - ٦٠).

(٣) أحد خدام هارون الرشيد بن أبي جعفر المنصور، انظر: مقاتل الطالبيين (٣٩١، ٣٩٥، ٤٠٠، ٤١١، ٤١٦، ٤٦٤، ٤٦٥، ٤٧٢).

(٤) في (ب، ج): فحرقه.

(٥) في (ب): فقال.

(٦) في (ب، ج): فحرفه.

(٧) في (أ): فقال لخادم.