[استشهاده #]
  [٣٥] روى أبو العباس الحسني ¥ بإسناده عن يحيى بن خالد البرمكي، قال: بعث إليّ هارون ذات ليلة بعد العتمة فصرت إليه، فقيل لي: إنه على السطح؛ فصعدت فإذا هو على كرسي جديد قاعد، وجهه نحو المشرق(١) وظهره إلى المغرب، فوقفت بين يديه وسلمت فرد علي السلام ثم قال لي: صر إلى ذلك الموضع، فصرت إلى الموضع الذي(٢) أومأ إليه، فما رأيت إلّا خيال بياض في صحن الدار فانصرفت إليه فقال: ما ذا رأيت؟
  فقلت(٣): ما رأيت إلّا خيال بياض في صحن الدار.
  فقال لي: اجلس، فجلست بين يديه فما زلت أسامره ويجيبني عن كلامي حتى قال: إن هذا الصبح قد تنفس.
  فقلت: يا أمير المؤمنين هذا العمود الأول، فقال لي: سر إلى ذلك الموضع فتطلع إلى الصحن فانظر ما ذا ترى. قال: فعدت إلى الموضع فلم أر إلّا خيال ذلك البياض قائما في صحن الدار.
  فقال: أتدري ما ذلك؟
  قلت: لا.
  قال: ذلك يحيى بن عبد الله بن الحسن إذا صلّى العتمة سجد فلا يزال ساجدا حتى يقوم لصلاة الغداة، يقطع ليله بسجدة واحدة.
  فقلت في نفسي: ويلك! انظر ويلك! أن لا تكون المبتلى به.
  فقال لي: إذا كان كل يوم عند الغداء فمر الطباخ أن يجمع على مائدته من كل شيء في المطبخ، ومر من يحملها إليه وكن(٤) معه حتى يأكل بحضرتك، ففعلت ذلك أياما، فقال لي يحيى بن عبد الله يوما من الأيام: يا أبا علي.
(١) في (أ، ج، د): وجهه إلى المشرق.
(٢) نهاية الصفحة [٢٩٩ - أ].
(٣) في (أ): فقال.
(٤) في (ب): وكل.