المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[استشهاده #]

صفحة 504 - الجزء 1

  [٣٥] روى أبو العباس الحسني ¥ بإسناده عن يحيى بن خالد البرمكي، قال: بعث إليّ هارون ذات ليلة بعد العتمة فصرت إليه، فقيل لي: إنه على السطح؛ فصعدت فإذا هو على كرسي جديد قاعد، وجهه نحو المشرق⁣(⁣١) وظهره إلى المغرب، فوقفت بين يديه وسلمت فرد علي السلام ثم قال لي: صر إلى ذلك الموضع، فصرت إلى الموضع الذي⁣(⁣٢) أومأ إليه، فما رأيت إلّا خيال بياض في صحن الدار فانصرفت إليه فقال: ما ذا رأيت؟

  فقلت⁣(⁣٣): ما رأيت إلّا خيال بياض في صحن الدار.

  فقال لي: اجلس، فجلست بين يديه فما زلت أسامره ويجيبني عن كلامي حتى قال: إن هذا الصبح قد تنفس.

  فقلت: يا أمير المؤمنين هذا العمود الأول، فقال لي: سر إلى ذلك الموضع فتطلع إلى الصحن فانظر ما ذا ترى. قال: فعدت إلى الموضع فلم أر إلّا خيال ذلك البياض قائما في صحن الدار.

  فقال: أتدري ما ذلك؟

  قلت: لا.

  قال: ذلك يحيى بن عبد الله بن الحسن إذا صلّى العتمة سجد فلا يزال ساجدا حتى يقوم لصلاة الغداة، يقطع ليله بسجدة واحدة.

  فقلت في نفسي: ويلك! انظر ويلك! أن لا تكون المبتلى به.

  فقال لي: إذا كان كل يوم عند الغداء فمر الطباخ أن يجمع على مائدته من كل شيء في المطبخ، ومر من يحملها إليه وكن⁣(⁣٤) معه حتى يأكل بحضرتك، ففعلت ذلك أياما، فقال لي يحيى بن عبد الله يوما من الأيام: يا أبا علي.


(١) في (أ، ج، د): وجهه إلى المشرق.

(٢) نهاية الصفحة [٢٩٩ - أ].

(٣) في (أ): فقال.

(٤) في (ب): وكل.