[استشهاد أبي السرايا]
  وأسروا حتى حجزهم الليل وتفرق الناس في القرى والجبال، وركب أبو السرايا وجهه ومحمد بن محمد وأبو الشوك وجماعة من الأعراب وجوههم راجعين إلى الجبل، فلم يزل الناس يتفرقون عنهم حتى ما بقي معه من أصحابه أحد، وتقطعت بهم أفراسهم، فانحازوا(١) إلى قرية من قرى حلوان(٢)، فوجد أبو السرايا بها رجلا من «بني»(٣) شيبان فاستضافه وأقام عنده ليلته تلك، وأصبح الشيباني فأتى الكيدعوس(٤)، وكان على طريق الجبل فأخبره أن أبا السرايا في منزله، فلم يشعر أبو السرايا إلّا بالخيل قد أحاطت بالقرية فخرج من الدار التى كان فيها فعلا جبلا كان قريبا منه «من القرية»(٥)، ونذر به الكيدعوس فأحاط بالجبل وصعدت إليه الرجال من كل ناحية، فكان يشد عليهم عند رأس كل شعب وهو يقول:
  يا نفس صبرا قد أتاك الموت ... ما بعد ما عمرت إلّا الفوت
  فقاتل حتى أوجعته الرماح، وأثخنته السيوف، وضعف حتى كاد(٦) يسقط يمينا وشمالا وناداه الكيدعوس: يا أبا السرايا، إنك مأسور فانزل تاركا فإنك آمن، فاستوثق منه أبو السرايا بالأمان ثم نزل، فلما صار في يده أخذ سيفه وأوثق كتافه، وقيده، فقال له أبو السرايا: فأين أمانكم؟
  فقيل: ليس عليك بأس.
  فقال له الكيدعوس(٧): ادن مني، فدنا منه.
(١) في (أ): وانحازوا.
(٢) القرية المشار إليها هي برقانا، انظر: معجم البلدان (١/ ٣٨٧)، مقاتل الطالبيين ص (٤٤٥).
(٣) ساقط في (أ، د).
(٤) في مقاتل الطالبيين: حمّاد الكندغوش، وكذا في تاريخ الطبري (١٠/ ٢٣١)، وفي بعض النسخ الأخرى لمقاتل الطالبيين محمد الكندي عوس.
(٥) ساقط في (أ).
(٦) نهاية الصفحة [٣٣٩ - أ].
(٧) في (أ): للكيدعوس.