متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 126 - الجزء 1

  ٧٤ - دلالة: وهو قوله ø: {وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ} إلى قوله: {لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها}⁣(⁣١) يدل على بطلان قول القوم في أنه تعالى قد كلف الكافر الإيمان ولم يقدره عليه ولا أوجد له السبيل إليه، بل خلق فيه الكفر والقدرة الموجبة للكفر والإرادة له؛ لأنه لو كان كذلك لكان قد كلف الإيمان عندهم وليس في طوقه. والمؤمن قد كلف ترك الكفر وليس في طوقه وعندهم أن النهى كالأمر في أنه تكليف، فالطائع قد كلف أن لا يعصى وليس ذلك في طوقه وقد بينا أن خروج القول على سبب، لا يوجب قصره عليه إذا كان مما يستقل بنفسه⁣(⁣٢)، ويجرى على العموم لو كان منفردا.

  ٧٥ - وقوله ø من بعد: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ}⁣[٢٣٦] يدل أيضا على ذلك؛ لأنه إنما كلف كل واحد بقدر طاقته. ولو صح أن يكلف تعالى ما لا⁣(⁣٣) يطاق، كان لا يمتنع أن يكلف المقتر ما كلف الموسع.

  ٧٦ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أن اكتساب العباد من فعله⁣(⁣٤)، فقال: {وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً} إلى قوله: {وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ}⁣(⁣٥) فخبر بأن ما أوتيه من


(١) قال تعالى: {وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها ...} الآية ٢٣٣.

(٢) بيانه في أصول الفقه، والقاعدة معروفة.

(٣) هنا ينتهي الخرم في النسخة (د).

(٤) ف: فعلهم.

(٥) قال تعالى: {وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ قالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ} الآية ٢٤٧