متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 300 - الجزء 1

  زيادات المعجزات التي يظهرها على الأنبياء $، بعد ما أقام الحجة بالمعجز الأول، وأزاح العلة عما عداها؛ لأن الغرض في إظهارها أن يعلم من حال من يشاهدها أنه لا يؤمن عندها، «ولولاها كان⁣(⁣١) لا يؤمن، فإذا كان المعلوم من حاله أنه لا يؤمن على كل حال لم يكن لإظهارها⁣(⁣٢) معنى، ولا لمشاهدته لها وجه، فيصرفه عنها بأن لا يظهرها، أو بأن يظهرها بحيث يشاهدها غيره ممن ينتفع بها ولا يشاهدها هو لحاجز أو لضرب من التشاغل. ولهذا قال تعالى بعده: {وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها}⁣(⁣٣) فنبه على أنه إنما صرفهم عنها لتكبرهم، ولأن المعلوم أنهم لا يؤمنون عند شيء منها، وهذا تصريح بما ذكرناه، ومتى⁣(⁣٤) حمل على هذا الوجه كان حملا له على ظاهره.

  وقد يجوز أن يحمل ذلك على أنه يصرفهم⁣(⁣٥) عما يستحقه من تمسك بالآيات، من العز والكرامة والرفعة؛ لأنهم إذا تكبروا في الأرض بغير الحق، فلا بد من أن يصرفهم عن ذلك، ويكون صرفه لهم في ذلك كالموجب عن تكبرهم، ولذلك قال في آخر الآية: {ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ}.

  وقد قيل: إن المراد أنه يصرفهم عن الآيات⁣(⁣٦) بالهلاك والاستئصال، لأن ذلك أحد وجوه صرفهم عن الآيات، وكل ذلك يبطل ما تعلقوا به.

  ولو كان تعالى يصرف عن الأدلة وعن الإيمان بخلق الكفر، كان لا يجوز أن يذم الكافر على كفره، ويخبر بأنه يفعل ذلك به لتكبره، ولأنه كذب، وكان لا يصح تعليق صرفه عن⁣(⁣٧) الآيات بمن كذب وتكبر، لأنه


(١) ف: ولو كان.

(٢) د: لإظهاره.

(٣) من تتمة الآية السابقة: ١٤٦، وبعده {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ}.

(٤) في النسختين. ومن.

(٥) في د: أن يصرفه.

(٦) وبعده في د زيادة: وكل ذلك يبطل.

(٧) ف: في.