متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 302 - الجزء 1

  ٢٦٥ - دلالة: وقوله تعالى: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ}⁣[١٧١] يدل على أن⁣(⁣١) المكلف قوّى على الأخذ والترك قبل أن يفعل أحدهما، بالقوة التي أعطاه اللّه تعالى.

  ٢٦٦ - وقوله تعالى من بعد في قصة موسى: {فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها}⁣(⁣٢) يدل على ذلك أيضا، والأخذ إذا أمر اللّه تعالى به يدل على أن العبد قادر فاعل؛ لأن من ليس كذلك لا يصح أن يأخذ⁣(⁣٣) ويترك، وهو في بابه بمنزلة الإيثار والاختيار الدالين على قدرة من أمر بهما.

  ٢٦٧ - مسألة: قالوا: ثم ذكر⁣(⁣٥) تعالى بعده ما يدل على أنه يجوز أن يأخذ المواثيق على المعدوم، وعلى من لا يذكر العهد الميثاق، ثم يؤاخذه بذلك، فقال:

  {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ}⁣[١٧٢].

  والجواب عن ذلك: أن ظاهر الكلام بخلاف ما يتعلق به الحشوية؛ لأنهم يزعمون أنه تعالى أخذ الميثاق على كل أولاد آدم وهم بمنزلة الذر في ظهره، وهذا بخلاف الظاهر، لأنه قال: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}


(١) في الأصل: أنه.

(٢) من الآية: ١٤٥ في سورة الأعراف، والضمير يعود على الألواح.

(٣) ساقطة من د.

(٥) ساقطة من د.