[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  واعلم أن الخطاب على ضربين: أحدهما يستقل بنفسه في الإنباء عن المراد، فهذا لا يحتاج إلى غيره في كونه حجة ودلالة.
  والثاني لا يستقل بنفسه فيما يقتضيه، بل يحتاج إلى غيره، ثم ينقسم ذلك(١) إلى قسمين:
  أحدهما: يعرف المراد به وبذلك الغير بمجموعهما، والثاني يعرف المراد به(٢) بذلك الغير بانفراده، ويكون هذا الخطاب لطفا وتأكيدا.
  ولا يخرج خطاب اللّه أجمع عن هذه الأقسام الثلاثة. والقرائن قد تكون متصلة سمعا، وقد تكون منفصلة سمعا وعقلا، وقد بينا أن الدليل العقلي وإن انفصل فهو كالمتصل في أن الخطاب يترتب عليه، لأن قوله جلّ وعز: {يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}(٣) مع الدليل العقلي الدالّ على أنه لا يكلف من لا عقل له، آكد في بابه من أن يقول: يا أيها العقلاء اتقوا ربكم.
  وهذا الخطاب الذي لا يستقل بنفسه قد اختلف الناس في العبارة عنه.
  وليس المعتبر بالعبارات؛ لأن وصف بعضه بأنه محكم(٤)، وبعضه بأنه متشابه وبعضه بأنه مجاز، وبعضه بأنه محذوف، إلى ما شاكله، لا يؤثر في أنه متفق في الوجه الذي ذكرناه، وفي أنه يحتاج فيه إلى طلب قرينة يعرف بها المراد، لكنه قد يختلف، ففيه ما يحتاج إلى قرائن، وفيه ما يحتاج إلى قرينة واحدة ويتفاوت في ذلك، وربما ظهر الحال في تلك القرينة وربما غمض، ولذلك يكثر(٥) اختلاف الفقهاء وأهل العلم فيما هذا حاله.
(١) ساقطة من د.
(٢) ساقطة من د.
(٣) من الآية ٢١ من سورة البقرة.
(٤) د: مجمل.
(٥) د: كثر.