[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  ويجب أن يدل ذلك على أن المراد: ما بقوله بعض شيوخنا رحمهم اللّه، من أن المراد به العقوبة؛ لأنه خصهم بضرب من العقوبة، من حيث كفروا ودانوا بالكفر فبين أنه تعالى يعاقبهم على ذلك في الدنيا بالذم والتوبيخ وإظهار ذلك، وسماه ختما، ثم لهم في الآخرة عذاب عظيم.
  وبعد، فلو احتمل الختم أن يكون مفيدا «للمنع، ولما(١) ذكرنا. لوجب صرفه إلى ما قلناه من حيث ثبت بالعقل أنه تعالى لا يجوز أن يأمر بالإيمان ويرغب فيه ويعد عليه ويزجر عن خلافه، ويمنع مع ذلك منه، ولا يجوز ذلك عليه وهو يقول: {فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}(٢) {وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا}(٣). وكل ذلك يوجب صحة ما قلناه.
  وإنما أراد بذكر الغشاوة، أنهم لا ينتفعون بما يبصرون ويسمعون.
  فلإخراجهم أنفسهم من الانتفاع بذلك بترك الفكر فيه والاستدلال به، صاروا بمنزلة من بينه وبين ما يراه ويسمعه حائل، فصار ما فعلوه من الكفر والإعراض عن الطاعة والإيمان، حالا بعد حال، كالساتر لهم عما يسمعون ويبصرون. ولم يضف تعالى الغشاوة إلى نفسه، كما أضاف الختم إليه، فليس لأحد أن يدفع ما ذكرناه بهذا الوجه.
  ١٩ - مسألة: قالوا: وقد قال تعالى {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً}(٤) يعنى: كفرا وشكا، وذلك يدل على أنه ø يفعل الشك والكفر في قلوب الكافرين والمنافقين.
(١) د: للجميع لما.
(٢) سورة الانشقاق: ٢٠، وفي الأصل: وما، خطا.
(٣) {وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى} سورة الإسراء: ٩٤ سورة الكهف: ٥٥.
(٤) الآية لعاشرة، وتتمتها: {وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ}.