[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  والجواب عن ذلك، أن المرض في حقيقة اللغة لا يعقل فيه(١) الكفر، ولذلك لا يوصف الكافر بأنه مريض ولا الفاسق، كما لا يوصف المؤمن، لأجل إيمانه وزوال الكفر عنه، بأنه صحيح. وقد يكون مؤمنا مريضا وكافرا صحيحا، فلا ظاهر له يتعلقون به.
  وإنما ظن القوم أن المنافقين في قلوبهم الكفر، وهو المرض، فيجب أن يكون المراد بقوله: {فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً} ما أريد بالأول، فبنوا فاسدا على فاسد.
  والمراد بذلك، ما قاله أبو علي(٢) من أن في قلوبهم غما وقلقا بأحوال النبي صلى اللّه عليه، وعظم نعم اللّه ø عليه فأراد بقوله: {فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً} يعنى: غما، بأن زاد في تعظيم النبي # وعظم أحواله، وعرفهم ذلك، فكان ذلك هو الغم الذي فعله في قلوبهم، ومرض القلب لا يعقل في اللغة إلا الغم. ولذلك يقول الفصيح فيمن خبره بما يسوؤه: قد أمرضت قلبي!. وهذا ظاهر في اللغة.
  ثم يقال للقوم: إنما يصح أن يقول تعالى ذلك، على قولنا دون قولكم، لأنه جل وعز، إذا كان قد خلق فيهم الكفر الأول والثاني، فكيف جعل زيادة
(١) في ف: منه.
(٢) هو أبو علي الجبّائى - نسبة إلى جباء من أعمال البصرة - محمد بن عبد الوهاب يتصل نسبه بحمران بن أبان مولى عثمان ¥، كان شيخ المعتزلة بالبصرة، معروفا بالورع والزهد، وإليه تنسب فرقة «الجبائية» أخذ علم الكلام عن أبي يوسف يعقوب الشحام، رأس معتزلة البصرة في عصره، وتتلمذ عليه الأشعري، وأخذ عنه ابنه أبو هاشم الذي آلت إليه الرئاسة من بعده، وهما يعرفان بالجبائيين، توفى أبو علي | عام (٣٠٣) انظر طبقات المعتزلة: ٨٠ - ٨٥. وفيات الأعيان: ٣٩٨ - ٣٩٩ (ترجمة رقم ٥٧٩).