متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 67 - الجزء 1

  {أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى}⁣(⁣١) بأن يذهب عنه ويسهو، وهو الذي أراده بقوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى}⁣(⁣٢) أي: ذاهبا عن النبوة والأحوال العظيمة، فهداك إليها.

  ويجوز أن يضاف الضلال إليه تعالى، بمعنى أن يذهب بهم عن طريق الجنة إلى طريق النار. وكما أن أحدنا في الشاهد إذا عدل به الإنسان عن طريق نجاته إلى طريق هلاكه يقال: أضله، فكذلك فيه تعالى، وإن كان ما فعله يحسن من حيث استوجبوا بكفرهم وبسوء اختيارهم.

  فعلى هذه الوجوه يجوز أن ينسب الضلال إليه تعالى⁣(⁣٣)، فأما بمعنى خلق نفس الكفر فيهم أو الدعاء إليه، أو تلبيس الأدلة، فذلك مما لا يجوز عليه تعالى، وقد وصف به الشيطان وذمه بذلك، فقال تعالى: {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً}⁣(⁣٤) وقال: {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى}⁣(⁣٥) وقال: {لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ}⁣(⁣٦) «وقال في قريب من ذلك: {وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}⁣(⁣٧) وقال فيهم: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ}⁣(⁣٨) وقال:

  {وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا}⁣(⁣٩)، وقال: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً}⁣(⁣١٠). وقال: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا}⁣(⁣١١)


(١) سورة البقرة: ٢٨٢.

(٢) سورة الضحى: ٧.

(٣) انظر أقاويل المعتزلة في «الضلال» مقالات الإسلاميين: ١/ ٢٢٩.

وانظر فيما يره غيرهم فيه: الإبانة: ٥٩. الفصل: ٣/ ٤٦ - ٥١.

(٤) سورة يس: ٦٢.

(٥) سورة طه: ٧٩.

(٦) سورة النساء: ١١٣ وفي د: لقد همت!.

(٧) ساقط من: د.

(٨) سورة الفرقان: ٤٤.

(٩) سورة الفرقان: ٤٢ وفي الأصل: فسيعلمون.

(١٠) سورة الأحزاب: ٣٦.

(١١) سورة النساء: ١٧٦.