متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 66 - الجزء 1

  فتخصيصه الفاسق به ونفيه عن غيره، يدل على أن المراد به العقاب الذي يختص به دون ما سواه. وقال تعالى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ}⁣(⁣١) وقال:

  {بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ}⁣(⁣٢) وقال: {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ}⁣(⁣٣) وكل ذلك يراد به العقاب.

  ووصف تعالى ما يجرى مجرى إبطال العمل الذي يؤدى إلى النجاة بذلك، فقال: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ}⁣(⁣٤) وقال:

  {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا}⁣(⁣٥) وقال: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ}⁣(⁣٦).

  وقد أضاف ذلك إلى نفسه بمعنى الضلال عن زيادة الهدى؛ لأنه إذا سلبهم ذلك للمصلحة، أو على سبيل العقوبة، جاز أن يقول: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ} ٧ يعنى: عن الزيادات المؤدية إلى شرح الصدر، {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً}⁣(⁣٧) ولا يكون ذلك منعا من الإيمان، بل يكون بعثا عليه! لأن من ضاق صدره بالشيء وتحير فيه طلب الخلاص منه، نحو ما نعلمه من حال الشاك المتحير في أمر الدين والدنيا، وهذا هو المراد بقوله تعالى، حكاية عن موسى: {فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ}⁣(⁣٨) لأنه أراد بذلك: من الذاهبين عن العلم بحاله وأنه معصية؛ لأن الأنبياء $ لا يجوز أن يضلوا عن الحقيقة، وهو المراد بقوله:


(١) سورة القمر: ٤٧.

(٢) سورة سبأ: ٨.

(٣) سورة الملك: ٩، وفي الأصل: إن كنتم.

(٤) سورة محمد: ٤ - ٥.

(٥) سورة الكهف: ١٠٤.

(٦) سورة محمد: ١.

(٧) سورة الأنعام: ١٢٥.

(٨) سورة الشعراء: ٢٠.