متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 116 - الجزء 1

  حالهم؛ لشدة تمسكهم بالكفر وإخراجهم أنفسهم «من أن⁣(⁣١) ينتفعوا بما⁣(⁣٢) يسمعون ويبصرون، من أن يكونوا بمنزلة السميع البصير، وبينا شواهد ذلك⁣(⁣٣).

  وهذه الآية تدل على ما قلناه؛ لأنه تعالى جعل مثلهم كمثل الناعق والمنعوق⁣(⁣٤)، وجعل سبيلهم سبيل الأصم، ونبه بذلك على أنهم ليسوا بهذه الصفة، وأن المراد بذلك عدولهم عن طريقة الانتفاع بما كلفوه⁣(⁣٥).

  وقوله: {فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ} عقيب ذلك يدل عليه؛ لأن المراد به لو كان التحقيق، وقد يكون الأصم والأبكم عاقلا، لم يكن لذلك تعلق بما تقدم، ومتى حمل على معنى التشبيه كان له به تعلق.

  ثم يقال للقوم: إن كان ظاهر الآية على ما قلتم، فيجب أن يكون الكافر معذورا إذا كان اللّه ø قد منعه عن الإيمان كما منع الأصم عن استماع الصوت، ولوجب ألا يذم ولا يوبخ، وهذا القول من اللّه توبيخ له وذم.

  ٦٠ - دلالة: وقوله تعالى⁣(⁣٦) {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ


(١) ساقطة من د.

(٢) ف: بما لا.

(٣) انظر الفقرة ١٨.

(٤) أي: والمنعوق به، من الغنم تنادى فتسمع ولا تعقل ما يقال لها، وقد شبّهوا بها.

والناعق هو الراعي، والمعنى: ومثل الذين كفروا كمثل الغنم التي لا تفهم نداء الناعق، فأضاف اللّه تعالى المثل الثاني إلى الناعق، وهو في المعنى مضاف إلى المنعوق به، على مذهب العرب في التقديم والتأخير لوضوح المعنى، وفي الآية وجوه أخرى. انظر المبرّد: (ما اتفق لفظه واختلف معناه من القرآن المجيد) بتحقيق عبد العزيز الميمنى الراجكوتى، طبع المطبعة السلفية بالقاهرة ص: ٣٥. الطبري: ٢/ ٧٩ - ٨٢. أمالي المرتضى: ١/ ٢١٥ - ٢١٨ والأظهر في النعق أنه الصياح بالغنم وحدها، وقال بعضهم: نعق ينعق، بالغنم والإبل والبقر.

المصدر السابق.

(٥) د: كلفوا.

(٦) ف: قوله.